ثم إنه سبحانه عاد إلى الردّ على أرباب الخيلاء من قريش ، فذكر قصة آدم واستكبار إبليس عليه فقال : { وَإِذْ قُلْنَا للملائكة اسجدوا لآدَمَ } أي : واذكر وقت قولنا لهم اسجدوا سجود تحية وتكريم ، كما مرّ تحقيقه { فجسدوا } طاعة لأمر الله وامتثالاً لطلبه السجود { إِلاَّ إِبْلِيسَ } فإنه أبى واستكبر ولم يسجد ، وجملة { كَانَ مِنَ الجن } مستأنفة لبيان سبب عصيانه وأنه كان من الجنّ ولم يكن من الملائكة فلهذا عصى . ومعنى { فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبّهِ } : أنه خرج عن طاعة ربه . قال الفراء : العرب تقول : فسقت الرطبة عن قشرها لخروجها منه . قال النحاس : اختلف في معنى { فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبّهِ } على قولين : الأوّل مذهب الخليل وسيبويه أن المعنى : أتاه الفسق لما أمر فعصى فكان سبب الفسق أمر ربه ، كما تقول : أطعمه عن جوع . والقول الآخر قول قطرب : أن المعنى على حذف المضاف أي : فسق عن ترك أمره . ثم إنه سبحانه عجب من حال من أطاع إبليس في الكفر والمعاصي وخالف أمر الله فقال : { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرّيَّتَهُ أَوْلِيَاء } كأنه قال : أعقيب ما وجد منه من الإباء والفسق تتخذونه وتتخذون ذريته ، أي : أولاده ؛ وقيل : أتباعه مجازاً { أولياء مِن دُونِي } فتطيعونهم بدل طاعتي وتستبدلونهم بي ، والحال أنهم أي : إبليس وذريته { لَكُمْ عَدُوٌّ } أي : أعداء . وأفرده لكونه اسم جنس ، أو لتشبيهه بالمصادر كما في قوله : { فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي } [ الشعراء : 77 ] . وقوله : { هُمُ العدو } [ المنافقون : 4 ] أي : كيف تصنعون هذا الصنع وتستبدلون بمن خلقكم وأنعم عليكم بجميع ما أنتم فيه من النعم ؟ بمن لم يكن لكم منه منفعة قط ، بل هو عدوّ لكم يترقب حصول ما يضركم في كل وقت { بِئْسَ للظالمين بَدَلاً } أي : الواضعين للشيء في غير موضعه المستبدلين بطاعة ربهم طاعة الشيطان ، فبئس ذلك البدل الذي استبدلوه بدلاً عن الله سبحانه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.