بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلۡجِنِّ فَفَسَقَ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِۦٓۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُۥ وَذُرِّيَّتَهُۥٓ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِي وَهُمۡ لَكُمۡ عَدُوُّۢۚ بِئۡسَ لِلظَّـٰلِمِينَ بَدَلٗا} (50)

{ وَإِذْ قُلْنَا للملائكة } الذين كانوا في الأرض مع إبليس : { اسجدوا لآِدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجن } ، قال بعضهم : كان أصله من الجن فلحق بالملائكة وجعل يتعبد معهم ، وقال مقاتل : كان من الجن وهو جنس من الملائكة يقال لهم الجن . روي عن ابن عباس أنه كان من الملائكة الذين هم خزان الجنان ، ويقال : { كان من الجن } أي صار من الجن ، كقوله : { قَالَ سآوى إلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِى مِنَ المآء قَالَ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج فَكَانَ مِنَ المغرقين } [ هود : 43 ] . { فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبّهِ } ، أي تعظم من طاعة ربه وخرج عن طريق ربه ؛ يقال : فسقت الرطبة ، إذا خرجت من قشرها . { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِى } ؟ أفتطيعونه وتتركون أمر الله ، { وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ } ؟ أي أعداء ، كقوله : { إِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أجسامهم وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ العدو فاحذرهم قَاتَلَهُمُ الله أَنَّى يُؤْفَكُونَ } [ المنافقون : 4 ] { بِئْسَ للظالمين بَدَلاً } ، أي بئس ما استبدلوا عبادة الشيطان بعبادة الله ، ويقال : بئس ما استبدلوا بولاية الله تعالى ولاية الشيطان .