الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلۡجِنِّ فَفَسَقَ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِۦٓۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُۥ وَذُرِّيَّتَهُۥٓ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِي وَهُمۡ لَكُمۡ عَدُوُّۢۚ بِئۡسَ لِلظَّـٰلِمِينَ بَدَلٗا} (50)

ثم قال : { إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن } [ 49 ] .

أي : واذكر يا محمد إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس ترك السجود حسدا لآدم .

وقوله : { كان من الجن } أي : من الملائكة الذين يقال : لهم الجن {[42960]} . وقيل {[42961]} كان من خزان الجنة فنسب إليها {[42962]} .

وقيل : كان من الجن الذين استخفوا عن أعين الناس أي استتروا .

وقال : ابن عباس كان اسم إبليس قبل أن يركب المعصية عزازيل {[42963]} . وكان من الملائكة من سكان الأرض من أشد {[42964]} الملائكة عبادة واجتهادا فدعاه الكبر إلى ترك السجود وكان من حي يسمون جنا {[42965]} .

وعنه أيضا أنه قال : كان إبليس من حي من أحياء الملائكة يقال : لهم الجن خلقوا من نار السموم من بين الملائكة . وكان اسمه الحرث ، وكان خازنا من خزان الجنة ، قال : وخلقت الملائكة من [ نور ] {[42966]} غير هذا الحي وخلقت الجن الذين ذكروا في القرآن من مارج من نار السموم وهي لسان النار الذي يكون في طرفها إذا التهبت {[42967]} .

وقال : ابن المسيب : كان إبليس رئيس الملائكة ، ملائكة سماء الدنيا {[42968]} .

وعن ابن عباس كان إبليس من خزان الجنة ، وكان يدير {[42969]} أمر سماء الدنيا {[42970]} . وعنه كان إبليس من أشراف الملائكة و[ أ ] كرمهم {[42971]} قبيلة وكان خازنا على الجنان ، وكان له سلطان السماء الدنيا ، وكان له سلطان الأرض . وكان فيما قضى الله عز وجل أنه رأى أن له بذلك شرفا وعظمة على أهل السماء فوقع في قلبه من ذلك كبر لا يعلمه إلا الله [ عز وجل ] {[42972]} فلما كان عند السجود ، حين أمر أن يسجد لآدم [ صلى الله عليه وسلم ] استخرج الله عز وجل كبره عند السجود فلعنه وأخره إلى يوم الدين {[42973]} .

وعن ابن عباس أنه قال : إن الملائكة قبيلة من الجن وكان إبليس منها ، وكان يسوس {[42974]} ما بين السماء والأرض فعصى ، فسخط الله [ عز وجل ] {[42975]} عليه فمسخه {[42976]} شيطانا {[42977]} رجيما لعنه الله ممسوخا . وقال : إذا كانت خطيئة الرجل في كبر فلا ترجه ، وإن كانت خطيئته في معصية فارجه . وكانت خطيئة آدم [ صلى الله عليه وسلم ] في معصية وخطيئة إبليس في كبر {[42978]} .

وقال : ابن عباس : لو لم يكن من الملائكة لم يؤمر بالسجود {[42979]} .

وقال : قتادة إنما سمي من الجن لأنه جن عن طاعة ربه . يريد أنه استتر عنها {[42980]} فلم يفعلها {[42981]} . وقال : الحسن : ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين قط وأنه لأصل {[42982]} للجن ، كما أن آدم [ صلى الله عليه وسلم ] أصل للإنسان {[42983]} . وقال : ابن/جبير : كان من الجنانين الذين يعملون في الجنان فلذلك قال : { [ كان ] {[42984]} من الجن } [ 49 ] {[42985]} .

فمن جعله ليس من الملائكة ينقض قوله قول الله [ عز وجل ] {[42986]} { وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم } [ 49 ] لم يأمر غير الملائكة . وقال : من أجاز ذلك : إن معنى أن الله أمره مع الملائكة بالسجود فاستثنى ، فهو استثناء ليس من الأول {[42987]} .

ثم قال : { ففسق عن أمر ربه } [ 49 ] .

أي : فعدل عن أمر ربه وخرج {[42988]} عنه ، {[42989]}والفسق العدول والخروج عن الاستقامة {[42990]} . وقال : قطرب معناه {[42991]} ففسق عن [ رده ] {[42992]} أمر ربه [ عز وجل {[42993]} ] {[42994]} .

والمعنى عند الخليل وسيبويه أتاه الفسق لما أمر فعصى . وكان سبب فسقه الأمر بالسجود {[42995]} .

ثم قال : { أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو } [ 49 ] .

أي : فتوالون يا بني آدم من استكبر على أبيكم وأغواه {[42996]} حتى أخرجه من الجنة فكان ذلك سبب خروجكم {[42997]} منها . وتتركون طاعة ربكم الذي أنعم عليكم وأسجد ملائكته لأبيكم آدم [ صلى الله عليه وسلم ] . وذرية إبليس هم الشياطين الذين يغوون بني آدم {[42998]} .

ثم قال : { بيس للظالمين بدلا } [ 49 ] .

أي : بيس ما استبدل الظالمون {[42999]} من طاعة الله [ عز وجل {[43000]} ] طاعة إبليس {[43001]} .


[42960]:وهو قول ابن جرير، انظر جامع البيان 15/259 والدر 5/401.
[42961]:وهو قول ابن جرير، انظر جامع البيان 15/259 والدر 5/401.
[42962]:وهو قول ابن عباس، انظر قوله في جامع البيان 15/259، والدر 5/401.
[42963]:ق: "عز رجايل".
[42964]:في النسختين "من رشد".
[42965]:انظر قوله في جامع البيان 15/259.
[42966]:ساقط من ق.
[42967]:انظر قوله في جامع البيان 15/259 والجامع 10/202.
[42968]:انظر قوله في جامع البيان 15/259، والدر 5/403.
[42969]:ط: "يدبر".
[42970]:انظر قوله في جامع البيان 15/259، والدر 5/402.
[42971]:ساقط من ق.
[42972]:ساقط من ق.
[42973]:انظر قوله في جامع البيان 15/560، والدر 5/402.
[42974]:ق: "يوسوس".
[42975]:ساقط من ق.
[42976]:ق: "فمسخطه".
[42977]:"شيطانا".
[42978]:انظر قوله في جامع البيان 15/260.
[42979]:انظر قوله في جامع البيان 15/260، والدر 5/402.
[42980]:انظر قوله في جامع البيان 15/260، والدر 5/403.
[42981]:ق: "عنه".
[42982]:ق: "يفعله".
[42983]:انظر قوله في جامع البيان 15/260، والدر 5/402.
[42984]:ساقط من ق.
[42985]:انظر قول ابن جرير في جامع البيان 15/261، والدر 5/402.
[42986]:ساقط من ق.
[42987]:وهو قول الزجاج، انظر معاني الزجاج 3/293.
[42988]:ق: "فخرج".
[42989]:وهو قول ابن جرير، انظر جامع البيان 15/261.
[42990]:انظر اللسان (فسق).
[42991]:ق: تكرر من "ففسق عن أمر ... إلى " ... قال قطرب معناه" مرتين.
[42992]:ساقط من ق.
[42993]:ساقط من ق.
[42994]:انظر قول قطرب في جامع البيان 15/261 ومعاني الزجاج 3/294.
[42995]:انظر قولهما في معاني الزجاج 3/294.
[42996]:ساقط من ق.
[42997]:ط: "خروجهم".
[42998]:تفسير ابن جرير، انظر جامع البيان 15/262.
[42999]:ق: الظالمين.
[43000]:ساقط من ق.
[43001]:وهو تفسير الزجاج، انظر معاني الزجاج 3/294.