جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلۡجِنِّ فَفَسَقَ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِۦٓۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُۥ وَذُرِّيَّتَهُۥٓ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِي وَهُمۡ لَكُمۡ عَدُوُّۢۚ بِئۡسَ لِلظَّـٰلِمِينَ بَدَلٗا} (50)

{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا ِلآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ{[2977]} } ذكره بعد ذكر صنيع المفتخرين بالأبناء ، والأولاد ليعلموا أن الكبر من سنن إبليس ، أو لما نفرهم عن الاغترار بزهرة الدنيا نبههم بقدم عداوة إبليس معهم { كَانَ مِنَ الْجِنِّ } : استئناف كأنه قيل لم لم يسجد ؟ ! فقال : لأنه كان من الجن وقد مر خلاف بين السلف في أنه من الملائكة الذين يقال لهم الجن ، أو من الجن حقيقة { فَفَسَقَ } : خرج ، { عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ } : بترك السجود والفاء مشعر بأن سبب عصيانه كونه جنيا فإن الملك لا يعصى { أَفَتَتَّخِذُونَهُ } الهمزة للإنكار والتعجب أي أعقيب ما صدر منه تتخذونه { وَذُرِّيَّتَهُ } عن بعضهم هم يتوالدون كما يتوالد بنو آدم وقيل : يدخل ذنبه في دبره فيبيض فتنفلق البيضة عن جماعة من الشياطين ، { أَوْلِيَاء مِن دُونِي } : فتطيعونهم بدل طاعتي { وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا } : من الله إبليس وذريته{[2978]} .


[2977]:روى الضحاك عن ابن عباس أنه كان من أشرف الملك وكان خازنا على الجنان وله سلطان السماء الدنيا و الأرض، فرأى لنفسه شرفا على أهل السماء، فوقع في قلبه كبر لا يعلمه إلا الله سبحانه فأمره الله بالسجود لاستخراج ذلك الكبر منه، فاستكبر وأظهر ما هو كائن فيه فذكر حاله بعد حكاية صناديد قريش والرجل المفتخر بالبستان والأولاد في غاية المناسبة ليعلموا أن الكبر من سنته /12 وجيز.
[2978]:أي: استبدلوا بطاعة الله طاعة إبليس.