الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَوَهَبۡنَا لِدَاوُۥدَ سُلَيۡمَٰنَۚ نِعۡمَ ٱلۡعَبۡدُ إِنَّهُۥٓ أَوَّابٌ} (30)

أخرج ابن أبي حاتم عن مكحول قال : لما وهب الله لداود سليمان قال له : يا بني ما أحسن ؟ قال : سكينة الله والإِيمان قال : فما أقبح ؟ قال : كفر بعد إيمان قال : فما أحلى ؟ قال : روح الله بين عباده قال : فما أبرد ؟ قال : عفو الله عن الناس ، وعفو الناس بعضهم عن بعض قال داود عليه السلام : فأنت نبي .

وأخرج الحكيم الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أوحى الله تبارك وتعالى إلى داود عليه السلام . إني سائل ابنك عن سبع كلمات . فإن أخبرك فورِّثه العلمَ والنبوَّة فقال له داود عليه السلام : إن الله أوحى إليَّ أن أسألك عن سبع كلمات ، فإن أخبرتني وَرَّثْتُكَ العلمَ والنبوَّة قال : سلني عما شئت قال : أخبرني ما أحلى من العسل ، وما أبرد من الثلج ، وما ألين شيئاً من الخز ، وما لا يرى أثره في الماء ، وما لا يرى أثره في الصفاء ، وما لا يرى أثره في السماء ، ومن يسمن في الخصب والجدب . قال : أما ما أحلى من العسل فروح الله للمتحابين في الله . وأما ما أبرد من الثلج فكلام الله إذا قرع أفئدة أولياء الله . وأما ما الين شيئاً من الخز فحكمة الله تعالى إذا أنشدها أولياء الله بينهم . وأما ما لا يرى أثره في الماء فالفلك تمر فلا يرى أثرها . وأما ما لا يرى أثره في الصفاء فالنملة تمر على الحجر فلا يرى أثرها . وأما ما لا يرى أثره في السماء فالطير يطير ولا يرى أثره في السماء وأما من يسمن في الجدب والخصب فهو المؤمن إذا أعطاه الله شكر ، وإذا ابتلاه صبر ، فقلبه أجرد أزهر .

قال : انظر إلى ابنك فاسأله عن أربع عشرة كلمة ، فإن أخبرك فورثه العلم والنبوّة ، فسأله فقال : ما لي من ذي علم فقال داود لسليمان عليه السلام : أخبرني يا بني أين موضع العقل منك ؟ قال : الدماغ قال : أين موضع الحياء منك ؟ قال : العينان قال : أين موضع الباطل منك ؟ قال : الأذنان قال : أين باب الخطايا منك ؟ قال : اللسان قال : أين الطريق منك ؟ قال : المنخران قال : أين موضع الأدب والبيان منك ؟ قال : الكلوتان قال : أين باب الفظاظة والغلظة منك ؟ قال : الكبد قال : أين بيت الريح منك ؟ قال : الرئة قال : أين باب الفرح منك ؟ قال : الطحال قال : أين باب الكسب منك ؟ قال : اليدان قال : أين باب النصب منك ؟ قال : الرجلان قال : أين باب الشهوة منك ؟ قال : الفرج قال : أين باب الذرية منك ؟ قال : الصلب قال : أين باب العلم والفهم والحكمة منك ؟ قال : القلب . إذا صلح القلب صلح ذلك كله ، وإذا فسد القلب فسد ذلك كله .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه { ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب } قال : كان مطيعاً لله ، كثير الصلاة { إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد } قال : يعني الخيل وصفونها قيامها وبسطها قوائمها { قال إني أحببت حب الخير } أي المال { عن ذكر ربي } عن صلاة العصر { حتى توارت بالحجاب } .