الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَمَن يَعۡمَلۡ سُوٓءًا أَوۡ يَظۡلِمۡ نَفۡسَهُۥ ثُمَّ يَسۡتَغۡفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (110)

قال ابن عباس : عرض الله التوبة على بني أبيرق بهذه الآية ، أي " ومن يعمل سوءا " بأن يسرق " أو يظلم نفسه " بأن يشرك " ثم يستغفر الله " يعني بالتوبة ، فإن الاستغفار باللسان من غير توبة لا ينفع ، وقد بيناه في " آل عمران " {[4919]} . وقال الضحاك : نزلت الآية في شأن وحشي قاتل حمزة أشرك بالله وقتل حمزة ، ثم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : إني لنادم فهل لي من توبة ؟ فنزل : " ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه " الآية . وقيل : المراد بهذه الآية العموم والشمول لجميع الخلق . وروى سفيان عن أبي إسحاق عن الأسود وعلقمة قالا : قال عبدالله بن مسعود من قرأ هاتين الآيتين من سورة " النساء " ثم استغفر له : " ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما " . " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما " [ النساء : 64 ] . وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال : كنت إذا سمعت حديثا من رسول الله صلى الله عليه وسلم نفعني الله به ما شاء ، وإذا سمعته من غيره حلفته{[4920]} ، وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر قال : ما من عبد يذنب ذنبا ثم يتوضأ ويصلي ركعتين ويستغفر الله إلا غفر له ، ثم تلا هذه الآية " ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما " .


[4919]:راجع ج 4 ص 38.
[4920]:كذا في أ و ج، ز، ط، ي. وفي ج: خلفته.