الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِهِمۡۚ لَوۡ أَنفَقۡتَ مَا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا مَّآ أَلَّفۡتَ بَيۡنَ قُلُوبِهِمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّهُۥ عَزِيزٌ حَكِيمٞ} (63)

وأخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان والنسائي والبزار وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود رضي الله عنه . أن هذه الآية نزلت في المتحابين { لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم } .

وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وأبو الشيخ والبيهقي في الشعب واللفظ له ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال " قرابة الرحم تقطع ، ومنة المنعم تكفر ، ولم نر مثل تقارب القلوب . يقول الله { لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم } وذلك موجود في الشعر قال الشاعر :

إذا مت ذو القربى إليك برحمه *** فغشك واستغنى فليس بذي رحم

ولكن ذا القربى الذي إن دعوته *** أجاب : ومن يرمي العدو الذي ترمي

ومن ذلك قول القائل :

ولقد صحبت الناس ثم خبرتهم *** وبلوت ما وصلوا من الأسباب

فإذا القرابة لا تقرب قاطعا *** وإذ المودة أقرب الأسباب

قال البيهقي : هكذا وجدته موصولا بقول ابن عباس رضي الله عنهما ، ولا أدري قوله وذلك موجود في الشعر من قوله أو من قبل من قبله من الرواة .

وأخرج ابن المبارك وعبد الرزاق وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : النعمة تكفر ، والرحم يقطع ، وإن الله تعالى إذا قارب بين القلوب لم يزحزحها شيء ، ثم تلا { لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم . . . } الآية .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه قال : إذا لقي الرجل أخاه فصافحه ، تحاتت الذنوب بينهما كما ينثر الريح الورق . فقال رجل : إن هذا من العمل اليسير . فقال : ألم تسمع الله قال { لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم } .

وأخرج أبو الشيخ عن الأوزاعي قال : كتب إلي قتادة : إن يكن الدهر فرق بيننا فإن ألفة الله الذي ألف بين المسلمين قريب .