الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰٓ أَحَدٖ مِّنۡهُم مَّاتَ أَبَدٗا وَلَا تَقُمۡ عَلَىٰ قَبۡرِهِۦٓۖ إِنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَمَاتُواْ وَهُمۡ فَٰسِقُونَ} (84)

أخرج البخاري ومسلم وابن أبي حاتم وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عمر قال : لما توفي عبد الله بن أبي ابن سلول أتى ابنه عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسأله أن يعطيه قميصه ليكفنه فيه . فأعطاه ، ثم سأله أن يصلي عليه . فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقام عمر بن الخطاب فأخذ ثوبه فقال : يا رسول الله أتصلي عليه وقد نهاك الله أن تصلي على المنافقين ؟ فقال « إن ربي خيَّرني وقال { استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم } [ التوبة : 80 ] وسأزيد على السبعين فقال : إنه منافق فصلى عليه . فأنزل الله تعالى { ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره } فترك الصلاة عليهم » .

وأخرج الطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل « عن ابن عباس أن عبد الله بن عبد الله بن أبي قال له أبوه : أي بني ، اطلب لي ثوباً من ثياب النبي صلى الله عليه وسلم فكفني فيه ، ومره أن يصلي عليَّ . قال «فأتاه فقال : يا رسول الله قد عرفت شرف عبد الله ، وهو يطلب إليك ثوباً من ثيابك نكفنه فيه وتصلي عليه ؟ فقال عمر : يا رسول الله قد عرفت عبد الله ونفاقه . أتصلي عليه وقد نهاك الله أن تصلي عليه ؟ فقال : وابني ؟ ! فقال { استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم } [ التوبة : 80 ] قال : فإني سأزيد على سبعين . فأنزل الله عز وجل { ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره . . . } الآية . قال : فأرسل إلى عمر فأخبره بذلك ، وأنزل الله { سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم } [ المنافقون : 6 ] » .

وأخرج ابن المنذر عن عمر بن الخطاب قال : لما مرض عبد الله بن أبي بن سلول مرضه الذي مات فيه عاده رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما مات صلى عليه وقام على قبره . قال : فوالله إن مكثنا إلا ليالي حتى نزلت { ولا تصل على أحد منهم مات أبداً . . . } الآية .

وأخرج ابن ماجة والبزار وابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه عن جابر قال «مات رأس المنافقين بالمدينة ، فأوصى أن يصلي عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأن يكفنه في قميصه ، فجاء ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أبي أوصى أن يكفن في قميصك ، فصلى عليه وألبسه قميصه وقام على قبره ، فأنزل الله { ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره } » .

وأخرج أبو يعلى وابن جرير وابن مردويه عن أنس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يصلي على عبد الله بن أبي ، فأخذ جبريل عليه السلام بثوبه وقال { ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره } » .

وأخرج أبو الشيخ عن قتادة قال : « وقف نبي الله صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن أبي ، فدعاه فأغلظ له وتناول لحية النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو أيوب : كف يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوالله لئن أذن لأضعن فيك السلاح ، وأنه مرض فأرسل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم يدعوه ، فدعا بقميصه فقال عمر : والله ما هو بأهل أن تأتيه . قال : بلى . فأتاه فقال : أهلكتك موادّتك اليهود ؟ قال : إنما دعوتك لتستغفر لي ولم أدعك لتؤنبني . قال : أعطني قميصك لأكفن فيه . فأعطاه ونفث في جلده ، ونزل في قبره ، فأنزل الله { ولا تصل على أحد منهم مات أبداً . . . } الآية قال : فذكروا القميص . قال : وما يغني عنه قميصي ، والله إني لأرجو أن يسلم به أكثر من ألف من بني الخزرج ، فأنزل الله { ولا تعجبك أموالهم وأولادهم } الآية » .