{ أَوَلَمْ يَرَوْا إلى مَا خَلَقَ الله مِن شَيء } لما خوّف سبحانه الماكرين بما خوّف ، أتبعه ذكر ما يدل على كمال قدرته في تدبير أحوال العالم العلوي والسفلي ومكانهما ، والاستفهام في { أَوَلَمْ يَرَوْا } للإنكار ، و«ما » مبهمة مفسرة بقوله : { من شيء } ، قرأ حمزة ، والكسائي ، وخلف ، ويحيى بن وثاب ، والأعمش «تروا » بالمثناة الفوقية ، على أنه خطاب لجميع الناس ، وقرأ الباقون بالتحتية بإرجاع الضمير إلى { الذين مكروا السيئات } ، وقرأ أبو عمرو ويعقوب ( تتفيؤا ظلاله ) بالمثناة الفوقية . وقرأ الباقون بالتحتية ، واختارها أبو عبيد ، أي يميل من جانب إلى جانب ، ويكون أوّل النهار على حال ويتقلص ، ثم يعود في آخر النهار على حالة أخرى . قال الأزهري : تفيؤ الظلال رجوعها بعد انتصاف النهار ، فالتفيؤ لا يكون إلاّ بالعشيّ ، وما انصرف عنه الشمس والقمر ، والذي يكون بالغداة هو الظلّ . وقال ثعلب : أخبرت عن أبي عبيدة أن رؤبة قال : كل ما كانت عليه الشمس فزالت عنه فهو فيء ، وما لم تكن عليه الشمس فهو ظلّ . ومعنى { مِن شَيء } من شيء له ظلّ ، وهي الأجسام ، فهو عام أريد به الخاص . و{ ظلاله } جمع ظلّ ، وهو مضاف إلى مفرد لأنه واحد يراد به الكثرة .
{ عَنِ اليمين والشمائل } أي : عن جهة أيمانها وشمائلها ، أي : عن جانبي كل واحد منها . قال الفراء : وحد اليمين ؛ لأنه أراد واحداً من ذوات الأظلال ، وجمع الشمائل ؛ لأنه أراد كلها ، لأن ما خلق الله لفظه مفرد ومعناه جمع . وقال الواحدي : وحد اليمين والمراد به الجميع إيجازاً في اللفظ كقوله : { وَيُوَلُّونَ الدبر } [ القمر : 45 ] ، ودلت الشمائل على أن المراد به الجمع . وقيل : إن العرب إذا ذكرت صيغتي جمع ، عبرت عن أحدهما بلفظ الواحد كقوله : { وَجَعَلَ الظلمات والنور } [ الأنعام : 1 ] ، و{ خَتَمَ الله على قُلُوبِهِمْ وعلى سَمْعِهِمْ } [ البقرة : 7 ] ، وقيل : المراد باليمين : النقطة التي هي مشرق الشمس ، وأنها واحدة . والشمائل : عبارة عن الانحراف في فلك الإظلال بعد وقوعها على الأرض ، وهي كثيرة . وإنما عبر عن المشرق باليمين ؛ لأن أقوى جانبي الإنسان يمينه ، ومنه تظهر الحركة القوية . { سُجَّدًا لِلَّهِ } منتصب على الحال ، أي : حال كون الظلال سجداً لله . قال الزجاج : يعني : أن هذه الأشياء مجبولة على الطاعة ، وقال أيضاً : سجود الجسم : انقياده وما يرى من أثر الصنعة { وَهُمْ داخرون } في محل نصب على الحال ، أي : خاضعون صاغرون ، والدخور : الصغار والذلّ ، يقال : دخر الرجل ، فهو داخر ، وأدخره الله . قال الشاعر :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.