ثم لما قرّر سبحانه وحدانيته ، وأنه الذي يجب أن يخصّ بالرهبة منه والرغبة إليه ، ذكر أن الكلّ في ملكه وتحت تصرّفه فقال : { وَلَهُ مَا فِي السماوات والأرض } وهذه الجملة مقررة لمن تقدّم في قوله : { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي * السماوات وَمَا فِي الأرض } إلى آخره ، وتقديم الخبر لإفادة الاختصاص { وَلَهُ الدين وَاصِبًا } أي : ثابتاً واجباً دائماً لا يزول ، والدين هو الطاعة والإخلاص . قال الفراء { وَاصِبًا } معناه دائماً ، ومنه قول الدؤلي :
لا أبتغي الحمد القليل بقاؤه *** بذمّ يكون الدهر أجمع واصبا
أي : دائماً . وروي عن الفراء أيضاً أنه قال : الواصب : الخالص ، والأوّل أولى ، ومنه قوله سبحانه : { وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ } [ الصافات : 9 ] أي دائم . وقال الزجاج : أي طاعته واجبة أبداً . ففسر الواصب بالواجب . وقال ابن قتيبة في تفسير الواصب : أي ليس أحد يطاع إلاّ انقطع ذلك بزوال أو بهلكة غير الله تعالى ، فإن الطاعة تدوم له . ففسر الواصب بالدائم . وإذا دام الشيء دواماً لا ينقطع فقد وجب وثبت . يقال : وصب الشيء يصب وصوباً ، فهو واصب : إذا دام ، ووصب الرجل على الأمر : إذا واظب عليه . وقيل : الوصب التعب والإعياء ، أي : يجب طاعة الله سبحانه وإن تعب العبد فيها وهو غير مناسب لما في الآية ، والاستفهام في قوله : { أَفَغَيْرَ الله تَتَّقُونَ } للتقريع والتوبيخ ، وهو معطوف على مقدّر ، كما في نظائره . والمعنى : إذا كان الدين : أي الطاعة واجباً له دائماً لا ينقطع كان المناسب لذلك تخصيص التقوى به وعدم إيقاعها لغيره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.