فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ إِلَّا رِجَالٗا نُّوحِيٓ إِلَيۡهِمۡۖ فَسۡـَٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (43)

{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ } . قرأ حفص عن عاصم { نوحي } بالنون ، وقرأ الباقون «يوحي » بالياء التحتية ، وهذه الآية ردّ على قريش حيث زعموا أن الله سبحانه أجلّ من أن يرسل رسولاً من البشر ، فردّ الله عليهم بأن هذه عادته وسنّته أن لا يرسل إلاّ رجالاً من البشر يوحي إليهم . وزعم أبو عليّ الجبائي أن معنى الآية أن الله سبحانه لم يرسل إلى الأنبياء بوحيه إلاّ من هو على صورة الرجال من الملائكة . ويردّ عليه بأن جبريل كان يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم على صور مختلفة . ولما كان كفار مكة مقرّين بأن اليهود والنصارى هم أهل العلم بما أنزل الله في التوراة والإنجيل ، صرف الخطاب إليهم ، وأمرهم أن يرجعوا إلى أهل الكتاب ، فقال : { فاسألوا أَهْلَ الذكر إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ } أي : فاسألوا أيها المشركون مؤمن أهل الكتاب إن كنتم لا تعلمون ، فإنهم سيخبرونكم أن جميع الأنبياء كانوا بشراً ، أو اسألوا أهل الكتاب من غير تقييد بمؤمنيهم كما يفيده الظاهر ، فإنهم كانوا يعترفون بذلك ولا يكتمونه . وقيل : المعنى : فاسألوا أهل القرآن .

/خ50