فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَوۡ يَأۡخُذَهُمۡ عَلَىٰ تَخَوُّفٖ فَإِنَّ رَبَّكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٌ} (47)

{ أَوْ يَأْخُذَهُمْ على تَخَوُّفٍ } أي : حال تخوّف وتوقع للبلايا بأن يكونوا متوقعين للعذاب ، حذرين منه غير غافلين عنه ، فهو خلاف ما تقدم من قوله : { أَوْ يَأْتِيَهُمُ العذاب مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } ، وقيل : معنى { على تَخَوُّفٍ } على تنقص . قال ابن الأعرابي : أي على تنقص من الأموال والأنفس والثمرات حتى أهلكهم . قال الواحدي : قال عامة المفسرين : { على تخوّف } قال : تنقص ، إما بقتل أو بموت ، يعني : بنقص من أطرافهم ونواحيهم يأخذهم الأول فالأوّل حتى يأتي الأخذ على جميعهم . قال : والتخوّف : التنقص ، يقال : هو يتخوف المال ، أي : يتنقصه ، ويأخذ من أطرافه ، انتهى . يقال : تخوّفه الدهر وتخونه بالفاء والنون : تنقصه ، قال ذو الرّمة :

لا بل هو الشوق من دار تخوّفها *** مرا سحاب ومرا بارح ترب

وقال لبيد :

تخوّفها نزولي وارتحالي *** . . .

أي : تنقص لحمها وشحمها . قال الهيثم بن عديّ : التخوّف بالفاء : التنقص . لغة لأزد شنودة . وأنشد :

تخوف عدوهم مالي وأهدي *** سلاسل في الحلوق لها صليل

وقيل : { على تخوّف } على عجل ، قاله الليث بن سعد ، وقيل : على تقريع بما قدّموه من ذنوبهم ، روي ذلك عن ابن عباس ، وقيل : { على تخوّف } أن يعاقب ويتجاوز ، قاله قتادة : { فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءوفٌ رَّحِيمٌ } لا يعاجل ، بل يمهل رأفة بكم ورحمة لكم مع استحقاقهم للعقوبة .

/خ50