فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِن كَادُواْ لَيَسۡتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلۡأَرۡضِ لِيُخۡرِجُوكَ مِنۡهَاۖ وَإِذٗا لَّا يَلۡبَثُونَ خِلَٰفَكَ إِلَّا قَلِيلٗا} (76)

{ وَإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ } الكلام في هذا كالكلام في { وَإِن كَادُوا [ لَيَفْتِنُونَكَ ] } أي : وإن الشأن أنهم قاربوا أن يزعجوك من أرض مكة لتخرج عنها ، ولكنه لم يقع ذلك منهم ، بل منعهم الله منه حتى هاجر بأمر ربه بعد أن هموا به ، وقيل : إنه أطلق الإخراج على إرادة الإخراج تجويزاً { وَإِذًا لاَ يَلْبَثُونَ خلفك إِلاَّ قَلِيلاً } معطوف على { ليستفزونك } أي : لا يبقون بعد إخراجك إلاّ زمناً قليلاً ، ثم عوقبوا عقوبة تستأصلهم جميعاً . وقرأ عطاء بن أبي رباح : ( لا يلبثوا ) بتشديد الباء الموحدة . وقرئ : ( لا يلبثوا ) بالنصب على إعمال «إذن » ، على أن الجملة معطوف على جملة : { وَإِن كَادُوا } لا على الخبر فقط . وقرأ نافع ، وابن كثير ، وأبو بكر ، وأبو عمرو ( خلفك ) ومعناه : بعدك . وقرأ ابن عامر ، وحفص ، وحمزة ، والكسائي { خلافك } ومعناه أيضاً : بعدك . وقال ابن الأنباري : { خلافك } بمعنى : مخالفتك ، واختار أبو حاتم القراءة الثانية لقوله : { فَرِحَ المخلفون بِمَقْعَدِهِمْ خلاف رَسُولِ الله } [ التوبة : 81 ] ومما يدلّ على أن خلاف بمعنى بعد قول الشاعر :

عفت الديار خلافها فكأنما *** بسط الشواطب بينهنّ حصيرا

يقال : شطبت المرأة الجريد : إذا شققته لتعمل منه الحصير . قال أبو عبيدة : ثم تلقيه الشاطبة إلى المثقبة .

/خ77