فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَوۡ تُسۡقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمۡتَ عَلَيۡنَا كِسَفًا أَوۡ تَأۡتِيَ بِٱللَّهِ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ قَبِيلًا} (92)

{ أَوْ تُسْقِطَ السماء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا } قرأ مجاهد ( أو تسقط ) مسنداً إلى السماء . وقرأ من عداه ( أو تسقط ) على الخطاب ، أي : أو تسقط أنت يا محمد السماء . والكسف بفتح السين جمع كسفة . وهي قراءة نافع وابن عامر ، وعاصم ، والكسفة : القطعة . وقرأ الباقون «كسفاً » بإسكان السين . قال الأخفش : من قرأ بإسكان السين جعله واحداً ومن قرأ بفتحها جعله جمعاً . قال المهدوي : ويجوز أن يكون على قراءة الكون جمع كسفة ، ويجوز أن يكون مصدراً . قال الجوهري : الكسفة القطعة من الشيء ، يقال : أعطني كسفة من ثوبك ، والجمع كِسْفٌ وكِسَفٌ ، ويقال : الكسف والكسفة واحد ، وانتصاب { كسفاً } على الحال ، والكاف في { كما زعمت } في محل نصب على أنه صفة مصدر محذوف ، أي : إسقاطاً ممائلاً لما زعمت ، يعنون بذلك قول الله سبحانه { إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأرض أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً منَ السماء } [ سبأ : 9 ] . قال أبو علي : الكسف بالسكون : الشيء المقطوع ، كالطحن للمطحون ، واشتقاقه على ما قال أبو زيد من كسفت الثوب كسفاً : إذا قطعته . وقال الزجاج : من كسفت الشيء ، إذا غطيته ، كأنه قيل : أو تسقطها طبقاً علينا { أَوْ تَأْتِيَ بالله والملائكة قَبِيلاً } .

اختلف المفسرون في معنى { قَبِيلاً } فقيل : معناه : معاينة ، قاله قتادة وابن جريج ، واختاره أبو علي الفارسي فقال : إذا حملته على المعاينة كان القبيل مصدراً كالنكير والنذير . وقيل : معناه : كفيلاً ، قاله الضحاك ، وقيل : شهيداً ، قاله مقاتل ، وقيل هو جمع القبيلة ، أي : تأتي بأصناف الملائكة قبيلة قبيلة ، قاله مجاهد وعطاء ، وقيل : ضمناً ، وقيل : مقابلاً كالعشير والمعاشر .

/خ93