ثم بيّن سبحانه أن الإقرار والإنكار مستندان إلى مشيئته فقال : { وَمَن يَهْدِ الله فَهُوَ المهتدي } أي : من يرد الله هدايته فهو المهتدي إلى الحق أو إلى كل مطلوب { وَمَن يُضْلِلِ } أي : يرد إضلاله { فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاء } ينصرونهم { مِن دُونِهِ } يعني : الله سبحانه ، ويهدونهم إلى الحق الذي أضلهم الله عنه أو إلى طريق النجاة ، وقوله : { فَهُوَ المهتدي } حملاً على لفظ «من » ، وقوله : { فَلَن تَجِدَ لَهُمْ } حملاً على المعنى ، والخطاب في قوله : { فَلَن تَجِدَ } إما للنبيّ صلى الله عليه وسلم ، أو لكل من يصلح له { وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ القيامة على وُجُوهِهِمْ } هذا الحشر على الوجوه فيه وجهان للمفسرين : الأوّل : أنه عبارة عن الإسراع بهم إلى جهنم ، من قول العرب : قد مرّ القوم على وجوههم : إذا أسرعوا . الثاني : أنهم يسحبون يوم القيامة على وجوههم حقيقة كما يفعل في الدنيا بمن يبالغ في إهانته وتعذيبه ، وهذا هو الصحيح ، لقوله تعالى : { يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النار على وُجُوهِهِمْ } [ القمر : 48 ] . ولما صح في السنة كما سيأتي ، ومحل { على وجوههم } النصب على الحال من ضمير المفعول . و{ عُمْيًا } منتصب على الحال { وَبُكْمًا وَصُمّا } معطوفان عليه ، والأبكم : الذي لا ينطق ، والأصمّ : الذي لا يسمع ، وهذه هيئة يبعثون عليها في أقبح صورة ، وأشنع منظر ، قد جمع الله لهم بين عمى البصر وعدم النطق وعدم السمع مع كونهم مسحوبين على وجوههم ، ثم من وراء ذلك { مأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ } أي : المكان الذي يأوون إليه ، والجملة في محل نصب على الحال أو هي مستأنفة لا محل لها { كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا } أي : كلما سكن لهبها ، يقال : خبت النار تخبو خبواً : إذا خمدت وسكن لهبها . قال ابن قتيبة : ومعنى { زدناهم سعيراً } : تسعراً ، وهو التلهب . وقد قيل : إن في خبوّ النار تخفيفاً لعذاب أهلها ، فكيف يجمع بينه وبين قوله : { لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العذاب } [ البقرة : 162 ] ؟ وأجيب بأن المراد بعدم التخفيف : أنه لا يتخلل زمان محسوس بين الخبوّ والتسعر ، وقيل : إنها تخبو من غير تخفيف عنهم من عذابها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.