فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قُل لَّئِنِ ٱجۡتَمَعَتِ ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَىٰٓ أَن يَأۡتُواْ بِمِثۡلِ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لَا يَأۡتُونَ بِمِثۡلِهِۦ وَلَوۡ كَانَ بَعۡضُهُمۡ لِبَعۡضٖ ظَهِيرٗا} (88)

ثم احتج سبحانه على المشركين بإعجاز القرآن فقال : { قُل لئِنِ اجتمعت الإنس والجن على أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هذا القرآن } المنزل من عند الله الموصوف بالصفات الجليلة من كمال البلاغة وحسن النظم وجزالة اللفظ { لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ } أظهر في مقام الإضمار ، ولم يكتف بأن يقول : لا يأتون به على أن الضمير راجع إلى المثل المذكور ، لدفع توهم أن يكون له مثل معين ، وللإشعار بأن المراد نفي المثل على أي صفة كان ، وهو جواب قسم محذوف كما تدل عليه اللام الموطئة ، وسادّ مسدّ جواب الشرط ، ثم أوضح سبحانه عجزهم عن المعارضة سواء كان المتصدي لها كل واحد منهم على الانفراد ، أو كان المتصدر بها المجموع بالمظاهرة فقال : { وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } أي : عوناً ونصيراً ، وجواب لو محذوف ، والتقدير : ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً لا يأتون بمثله ، فثبت أنهم لا يأتون بمثله على كل حال ، وقد تقدّم وجه إعجاز القرآن في أوائل سورة البقرة . وفي هذه الآية ردّ لما قاله الكفار : { لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هذا } [ الأنفال : 31 ] ، وإكذاب لهم .

/خ93