{ قَالُوا } أي : هؤلاء القوم الذين لا يفهمون قولاً ، قيل : إن فهم ذي القرنين لكلامهم من جملة الأسباب التي أعطاه الله ، وقيل : إنهم قالوا ذلك لترجمانهم ، فقال لذي القرنين بما قالوا له { يا ذا القرنين إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأرض } يأجوج ومأجوج : اسمان عجميان بدليل منع صرفهما ، وبه قال الأكثر . وقيل : مشتقان من أجّ الظليم في مشيه : إذا هرول ، وتأججت النار : إذا تلهبت ، قرأهما الجمهور بغير همز ، وقرأ عاصم بالهمز . قال ابن الأنباري : وجه همزهما وإن لم يعرف له أصل أن العرب قد همزت حروفاً لا يعرف للهمز فيها أصل كقولهم : كبأث ورثأت واستشأث الريح . قال أبو علي : يجوز أن يكونا عربيين ، فمن همز فهو على وزن يفعول مثل : يربوع ، ومن لم يهمز أمكن أن يكون خفف الهمزة فقبلها ألفاً مثل : راس . وأما مأجوج ، فهو مفعول من أجّ ، والكلمتان من أصل واحد في الاشتقاق . قال : وترك الصرف فيهما على تقدير كونهما عربيين للتأنيث والتعريف كأنه اسم للقبيلة .
واختلف في نسبهم ؛ فقيل : هم من ولد يافث بن نوح ، وقيل : يأجوج من الترك ومأجوج من الجيل والديلم . وقال كعب الأحبار : احتلم آدم فاختلط ماؤه بالتراب فخلقوا من ذلك الماء . قال القرطبي : وهذا فيه نظر ، لأن الأنبياء لا يحتلمون ، وإنما هم من ولد يافث ، كذلك قال مقاتل وغيره .
وقد وقع الخلاف في صفتهم ؛ فمن الناس من يصفهم بصغر الجثث وقصر القامة ، ومنهم من يصفهم بكبر الجثث وطول القامة ، ومنهم من يقول : لهم مخالب كمخالب السباع ، وإن منهم صنفاً يفترش إحدى أذنيه ويلتحف بالأخرى ، ولأهل العلم من السلف ومن بعدهم أخبار مختلفة في صفاتهم وأفعالهم .
واختلف في إفسادهم في الأرض ؛ فقيل : هو أكل بني آدم ؛ وقيل : هو الظلم والغشم والقتل وسائر وجوه الإفساد ؛ وقيل : كانوا يخرجون إلى أرض هؤلاء القوم الذين شكوهم إلى ذي القرنين في أيام الربيع فلا يدعون فيها شيئاً أخضر إلا أكلوه { فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرجاً } هذا الاستفهام من باب حسن الأدب مع ذي القرنين . وقرئ ( خراجاً ) . قال الأزهري : الخراج يقع على الضريبة ويقع على مال الفيء ، ويقع على الجزية وعلى الغلة . والخراج أيضاً اسم لما يخرج من الفرائض في الأموال ، والخرج : المصدر وقال قطرب : الخرج : الجزية والخراج في الأرض ، وقيل : الخرج : ما يخرجه كل أحد من ماله ، والخراج : ما يجبيه السلطان ؛ وقيل : هما بمعنى واحد { على أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّا } أي : ردماً حاجزاً بيننا وبينهم . وقرئ { سداً } بفتح السين . قال الخليل وسيبويه : الضم هو الاسم ، والفتح المصدر . وقال الكسائي : الفتح والضم لغتان بمعنى واحد ، وقد سبق قريباً ما حكيناه عن أبي عمرو بن العلاء ، وأبي عبيدة ، وابن الأنباري من الفرق بينهما . وقال ابن أبي إسحاق : ما رأته عيناك فهو سدّ بالضم ، وما لا ترى فهو سدّ بالفتح ، وقد قدّمنا بيان من قرأ بالفتح وبالضم في السدّين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.