فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{۞سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ مَا وَلَّىٰهُمۡ عَن قِبۡلَتِهِمُ ٱلَّتِي كَانُواْ عَلَيۡهَاۚ قُل لِّلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ يَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (142)

قوله : { سَيَقُولُ } هذا إخبار من الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين ، بأن السفهاء من اليهود ، والمنافقين سيقولون هذه المقالة عند أن تتحول القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة . وقيل إن { سَيَقُولُ } بمعنى : قال ، وإنما عبر عن الماضي بلفظ المستقبل للدلالة على استدامته ، واستمرار عليه ، وقيل : إن الإخبار بهذا الخبر كان قبل التحول إلى الكعبة ، وأن فائدة ذلك أن الإخبار بالمكروه إذا وقع قبل وقوعه كان فيه تهوين لصدمته ، وتخفيف لروعته ، وكسراً لسَوْرته . والسفهاء : جمع سفيه ، وهو : الكذَّاب البَهَّات المعتقد خلاف ما يعلم ، كذا قال بعض أهل اللغة . وقال في الكشاف : هم خفاف الأحلام ، ومثله في القاموس . وقد تقدّم في تفسير قوله : { إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ } [ البقرة : 130 ] ما ينبغي الرجوع إليه ، ومعنى : { مَا ولاهم } ما صرفهم { عَن قِبْلَتِهِمُ التى كَانُوا عَلَيْهَا } وهي بيت المقدس . فردّ الله عليهم بقوله : { قُل للَّهِ المشرق والمغرب } فله أن يأمر بالتوجه إلى أيّ جهة شاء . وفي قوله : { يَهْدِى مَن يَشَآء } إشعار بأن تحويل القبلة إلى الكعبة من الهداية للنبي صلى الله عليه وسلم ، ولأهل ملته إلى الصراط المستقيم .

/خ143