فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمۡتُ نَفۡسِي فَٱغۡفِرۡ لِي فَغَفَرَ لَهُۥٓۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ} (16)

ثم طلب من الله سبحانه أن يغفر له ما وقع منه { قَالَ رَبّ إِنّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فاغفر لِي فَغَفَرَ } الله { لَهُ } ذلك { إِنَّهُ هُوَ الغفور الرحيم } ووجه استغفاره : أنه لم يكن لنبيّ أن يقتل حتى يؤمر ، وقيل : إنه طلب المغفرة من تركه للأولى كما هو سنة المرسلين ، أو أراد إني ظلمت نفسي بقتل هذا الكافر ؛ لأن فرعون لو يعرف ذلك لقتلني به ، ومعنى { فاغفر لِي } : فاستر ذلك عليّ لا تطلع عليه فرعون ، وهذا خلاف الظاهر فإن موسى عليه السلام ما زال نادماً على ذلك خائفاً من العقوبة بسببه ، حتى إنه يوم القيامة عند طلب الناس الشفاعة منه يقول : إني قتلت نفساً لم أؤمر بقتلها ، كما ثبت ذلك في حديث الشفاعة الصحيح . وقد قيل : إن هذا كان قبل النبوّة . وقيل : كان ذلك قبل بلوغه سنّ التكليف ، وإنه كان إذ ذاك في اثنتي عشرة سنة ، وكل هذه التأويلات البعيدة محافظة على ما تقرر من عصمة الأنبياء ، ولا شك أنهم معصومون من الكبائر ، والقتل الواقع منه لم يكن عن عمد فليس بكبيرة ، لأن الوكزة في الغالب لا تقتل .

/خ24