وأما قوله { رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فاغفر لِي } ( فعلى نهج{[39878]} قول آدم عليه السلام ){[39879]} { رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا } [ الأعراف : 23 ] والمراد أحد وجهين : إما على سبيل الانقطاع إلى الله ، والاعتراف بالتقصير عن القيام بحقوقه وإِنْ لم يكن هناك ذنب قط أو من حيث حرم نفسه الثواب بترك المندوب .
وأما قوله «فَاغْفِرْ لِي » أي : فاغفر لي ترك هذا المندوب . وفيه وجه آخر ، وهو أن يكون المراد { رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي } حيث قتلت هذا الملعون ، فإنَّ فرعون لو عرف ذلك لقتلني به ، «فَاغْفِرْ ليْ » ، فاستره عليَّ ولا توصل خبره إلى فرعون ، «فَغَفَرَ لَهُ » أي : ستره عن الوصول إلى فرعون ، ويدل على هذا قوله { رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ } فلو{[39880]} كانت إعانة المؤمن هنا سبباً للمعصية لما قال ذلك ، وأما قوله{[39881]} { فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَا مِنَ الضالين } [ الشعراء : 20 ] فلم يقل إني صرت بذلك ضالاً ، بل اعترف أنه كان ضالاً أي : متحيراً لا يدري ما يجب عليه .
وأما قوله : إنْ كان كافراً حربياً فَلِمَ استغفر من قتله ؟ قلنا : كون الكافر مباح الدم أمر يختلف باختلاف الشرائع ، فلعلّ قتلهم كان حراماً في ذلك الوقت ، أو{[39882]} كان مباحاً لكن الأولى تركه على ما قررناه .
وأما قوله : كان قتل خطأ ، قلنا : لا نسلم ، فلعل الرجل إن كان ضعيفاً وموسى عليه السلام{[39883]} كان في نهاية الشدة فوكزه{[39884]} كان قاتلاً قطعاً ، ثم إن سلمنا ذلك{[39885]} ولكنه - عليه السلام{[39886]} - كان يمكنه أن يخلص الإسرائيلي من يده بدون الوكز الذي كان الأولى تركه ، فلهذا أقدم على الاستغفار . على أَنَّا وإن سلمنا دلالة هذه الآية على صدور المعصية ، لكنَّا بيَّنَّا أَنهُ لا دلالة البتة فيه ، لأنه لم يكن رسولاً في ذلك الوقت فيكون ذلك قبل النبوة لا نزاع فيه{[39887]} .
قال المعتزلة : الآية تدل على بطلان قول من نسب المعاصي إلى الله ، لأنه - عليه السلام{[39888]} - قال : { هذا مِنْ عَمَلِ الشيطان } ، فلو كانت بخلق الله لكانت من الله لا من الشطيان ، وهو كقول يوسف - عليه السلام {[39889]}- { مِن بَعْدِ أَنْ نَزغَ الشيطان بَيْنِي وَبَيْنَ إخوتي } [ يوسف : 100 ] ، وقول فتى موسى { وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشيطانُ } [ الكهف : 63 ] ، وقوله تعالى : { لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشيطان كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الجنة }{[39890]} [ الأعراف : 27 ] ، وتقدم الكلام على ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.