فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قَالَ رَبِّ بِمَآ أَنۡعَمۡتَ عَلَيَّ فَلَنۡ أَكُونَ ظَهِيرٗا لِّلۡمُجۡرِمِينَ} (17)

ثم لما أجاب الله سؤاله ، وغفر له ما طلب منه مغفرته { قال رَبّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ } هذه الباء يجوز أن تكون باء القسم والجواب مقدر : أي أقسم بإنعامك عليّ لأتوبنّ ، وتكون جملة { فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لّلْمُجْرِمِينَ } كالتفسير للجواب وكأنه أقسم بما أنعم الله عليه أن لا يظاهر مجرماً . ويجوز أن تكون هذه الباء هي باء السببية متعلقة بمحذوف : أي اعصمني بسبب ما أنعمت به عليّ ، ويكون قوله : { فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً } مترتباً عليه ، ويكون في ذلك استعطاف لله تعالى ، وتوصل إلى إنعامه بإنعامه ، و " ما " في قوله : { بِمَا أَنْعَمْتَ } إما موصولة ، أو مصدرية ، والمراد بما أنعم به عليه : هو ما آتاه من الحكم والعلم أو بالمغفرة أو بالجميع ، وأراد بمظاهرة المجرمين : إما صحبة فرعون والانتظام في جملته في ظاهر الأمر ، أو مظاهرته على ما فيه إثم .

قال الكسائي ، والفراء : ليس قوله : { فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لّلْمُجْرِمِينَ } خبراً بل هو دعاء : أي فلا تجعلني يا ربّ ظهيراً لهم . قال الكسائي ، وفي قراءة عبد الله : " فلا تجعلني يا ربّ ظهيراً للمجرمين " وقال الفراء : المعنى اللهم فلن أكون ظهيراً للمجرمين . وقال النحاس : إن جعله من باب الخبر أوفى وأشبه بنسق الكلام .

/خ24