فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَأَصۡبَحَ فِي ٱلۡمَدِينَةِ خَآئِفٗا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا ٱلَّذِي ٱسۡتَنصَرَهُۥ بِٱلۡأَمۡسِ يَسۡتَصۡرِخُهُۥۚ قَالَ لَهُۥ مُوسَىٰٓ إِنَّكَ لَغَوِيّٞ مُّبِينٞ} (18)

{ فَأَصْبَحَ فِي المدينة خَائِفاً يَتَرَقَّبُ } أي دخل في وقت الصباح في المدينة التي قتل فيها القبطي ، و { خائفاً } خبر { أصبح } ويجوز أن يكون حالاً ، والخبر : { في المدينة } ، و { يترقب } يجوز أن يكون خبراً ثانياً ، وأن يكون حالاً ثانية ، وأن يكون بدلاً من { خائفاً } ، ومفعول { يترقب } محذوف ، والمعنى : يترقب المكروه أو يترقب الفرح { فَإِذَا الذي استنصره بالأمس يَسْتَصْرِخُهُ } إذا هي الفجائية ، والموصول مبتدأ ، وخبره { يستصرخه } أي فإذا صاحبه الإسرائيلي الذي استغاثه بالأمس يقاتل قبطياً آخر ، أراد أن يسخره ويظلمه كما أراد القبطي الذي قد قتله موسى بالأمس ، والاستصراخ : الاستغاثة ، وهو من الصراخ ، وذلك أن المستغيث يصوّت ، ويصرخ في طلب الغوث ، ومنه قول الشاعر :

كنا إذا ما أتانا صارخ فزع *** كان الجواب له قرع الظنابيب

{ قَالَ لَهُ موسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ } أي بين الغواية ، وذلك أنك تقاتل من لا تقدر على مقاتلته ، ولا تطيقه . وقيل : إنما قال له هذه المقالة ؛ لأنه تسبب بالأمس لقتل رجل يريد اليوم أن يتسبب لقتل آخر .

/خ24