فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{۞ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعۡفٖ ثُمَّ جَعَلَ مِنۢ بَعۡدِ ضَعۡفٖ قُوَّةٗ ثُمَّ جَعَلَ مِنۢ بَعۡدِ قُوَّةٖ ضَعۡفٗا وَشَيۡبَةٗۚ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡقَدِيرُ} (54)

{ الله الذي خَلَقَكُمْ مّن ضَعْفٍ } ذكر سبحانه استدلالاً آخر على كمال قدرته ، وهو خلق الإنسان نفسه على أطوار مختلفة ، ومعنى من ضعف : من نطفة .

قال الواحدي : قال المفسرون : من نطفة ، والمعنى : من ذي ضعف . وقيل المراد : حال الطفولية والصغر { ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةٍ } وهي قوّة الشباب ، فإنه إذ ذاك تستحكم القوّة وتشتدّ الخلقة إلى بلوغ النهاية { ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً } أي عند الكبر والهرم { وَشَيْبَةً } الشيبة هي تمام الضعف ونهاية الكبر . قرأ الجمهور : " ضعف " بضم الضاد في هذه المواضع . وقرأ عاصم وحمزة بفتحها . وقرأ الجحدري بالفتح في الأوّلين والضم في الثالث . قال الفراء : الضم لغة قريش والفتح لغة تميم . قال الجوهري : الضعف والضعف خلاف القوّة ، وقيل : هو بالفتح في الرأي ، وبالضم في الجسم { يَخْلُقُ مَا يَشَاء } يعني من جميع الأشياء ، ومن جملتها القوّة والضعف في بني آدم { وَهُوَ العليم } بتدبيره { القدير } على خلق ما يريده ، وأجاز الكوفيون : " من ضعف " بفتح الضاد والعين .

/خ60