فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِۦ جِنَّةُۢۗ بَلِ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ فِي ٱلۡعَذَابِ وَٱلضَّلَٰلِ ٱلۡبَعِيدِ} (8)

ثم حكى سبحانه عن هؤلاء الكفار : أنهم ردّدوا ما وعدهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم من البعث بين أمرين ، فقالوا : { أفترى عَلَى الله كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ } أي أهو كاذب فيما قاله أم به جنون بحيث لا يعقل ما يقوله ، والهمزة في أفترى هي : همزة الاستفهام ، وحذفت لأجلها همزة الوصل كما تقدّم في قوله : { أَطَّلَعَ الغيب } [ مريم : 78 ] ، ثم ردّ عليهم سبحانه ما قالوه في رسوله ، فقال : { بَلِ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة فِي العذاب والضلال البعيد } أي ليس الأمر كما زعموا ، بل هم الذين ضلوا عن الفهم ، وإدراك الحقائق ، فكفروا بالآخرة ، ولم يؤمنوا بما جاءهم به ، فصاروا بسبب ذلك في العذاب الدائم في الآخرة ، وهم اليوم في الضلال البعيد عن الحق غاية البعد .

/خ9