فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قُلۡ أَتَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَمۡلِكُ لَكُمۡ ضَرّٗا وَلَا نَفۡعٗاۚ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (76)

أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم هذا القول إلزاماً لهم وقطعاً لشبهتهم ، أي أتعذبون من دون الله متجاوزين إياه ما لا يملك لكم ضرّاً ولا نفعاً ؟ بل هو عبد مأمور ، وما جرى على يده من النفع ، أو دفع من الضر ، فهو بإقدار الله له وتمكينه منه ، وأما هو فهو يعجز عن أن يملك لنفسه شيئاً من ذلك ، فضلاً عن أن يملكه لغيره ، ومن كان لا ينفع ولا يضر فكيف تتخذونه إلها وتعبدونه ، وأي سبب يقتضي ذلك ؟ والمراد هنا المسيح عليه السلام ، وقدّم سبحانه الضرّ على النفع لأن دفع المفاسد أهمّ من جلب المصالح . { والله هُوَ السميع العليم } أي كيف تعبدون ما لا يملك لكم ضرّاً ولا نفعاً ، والحال أن الله هو السميع العليم ، ومن كان كذلك فهو القادر على الضرّ والنفع لإحاطته بكل مسموع ومعلوم ، ومن جملة ذلك مضارّكم ومنافعكم .

/خ81