فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قُلۡ أَتَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَمۡلِكُ لَكُمۡ ضَرّٗا وَلَا نَفۡعٗاۚ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (76)

{ قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع العليم 76 } .

{ قل أتعبدون } أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول لهم هذا القول إلزاما لهم وقطعا لشبهتهم بعد تعجبه من أحوالهم أي أتعبدون { من دون الله } متجاوزين إياه { ما لا يملك لكم ضررا ولا نفعا } بل هو عبد مأمور ، وما جرى على يده من النفع أو وقع من الضرر فهو بإقدار الله له وتمكينه منه ، وأما هو ، فهو يعجز عن أن يملك لنفسه شيئا من ذلك فضلا عن أن يملكه لغيره ، ومن كان لا ينفع ولا يضر فكيف تتخذونه إلها وتعبدونه وأي سبب يقتضي ذلك ؟ والمراد هنا المسيح عليه السلام .

وإيثار { ما } على { من } لتحقيق ما هو المراد من كونه بمعزل عن الألوهية رأسا ببيان انتظامه عليه السلام في سلك الأشياء التي لا قدرة لها على شيء أصلا ، وقدم سبحانه الضر على النفع لأن دفع المفاسد أهم من جلب المصالح ، وهذا دليل قاطع على أن أمره مناف للربوبية والإلهية حيث لا يستطيع ضرا ولا نفعا ، وصفة الرب والإله أن يكون قادرا على كل شيء لا يخرج مقدور عن قدرته ، وهذا في حق عيسى النبي ، فما ظنك بولي من الأولياء ؟ فإنه أولى بذلك .

{ و } الحال أن { الله هو السميع العليم } ومن كان كذلك فهو القادر على الضر والنفع لإحاطته بكل مسموع ومعلوم ، ومن جملة ذلك مضاركم ومنافعكم ، وقيل : إن الله هو المستحق للعبادة أنه يسمع كل شيء ويعلمه وإليه ينحو كلام الزمخشري .