{ مَا المسيح ابن مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُول قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرسل } أي هو مقصور على الرسالة ، لا يجاوزها كما زعمتم ، وجملة { قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرسل } صفة لرسول أي ما هو إلا رسول من جنس الرسل الذين خلوا من قبله ، وما وقع منه من المعجزات لا يوجب كونه إلها ، فقد كان لمن قبله من الرسل مثلها ، فإن الله أحيا العصا في يد موسى ، وخلق آدم من غير أب ، فكيف جعلتم إحياء عيسى للموتى ، ووجوده من غير أب يوجبان كونه إلها ؟ فإن كان كما تزعمون إلها لذلك ، فمن قبله من الرسل الذين جاؤوا بمثل ما جاء به آلهة ، وأنتم لا تقولون بذلك . قوله : { وَأُمُّهُ صِديقَة } عطف على المسيح ، أي وما أمه إلا صدّيقة أي صادقة فيما تقوله أو مصدّقة لما جاء به ولدها من الرسالة ، وذلك لا يستلزم الإلهية لها ، بل هي كسائر من يتصف بهذا الوصف من النساء . قوله : { كَانَا يَأْكُلاَنِ الطعام } استئناف يتضمن التقرير لما أشير إليه من أنهما كسائر أفراد البشر ، أي من كان يأكل الطعام كسائر المخلوقين فليس بربّ ، بل هو عبد مربوب ولدته النساء ، فمتى يصلح لأن يكون رباً ؟ وأما قولكم إنه كان يأكل الطعام بناسوته لا بلاهوته ، فهو كلام باطل يستلزم اختلاط الإله بغير الإله واجتماع الناسوت واللاهوت ، ولو جاز اختلاط القديم بالحادث لجاز أن يكون القديم حادثاً ، ولو صحّ هذا في حق عيسى لصح في حق غيره من العباد { انظر كَيْفَ نُبَيّنُ لَهُمُ الآيات } أي الدلالات ، وفيه تعجيب من حال هؤلاء الذين يجعلون تلك الأوصاف مستلزمة للإلهية ، ويغفلون عن كونها موجودة في زمن لا يقولون بأنه إله { ثُمَّ انظر أنى يُؤْفَكُونَ } أي كيف يصرفون عن الحق بعد هذا البيان ؟ يقال أفكه يأفكه إذا صرفه ، وكرر الأمر بالنظر للمبالغة في التعجيب ، وجاء بثم لإظهار ما بين العجبين من التفاوت .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.