فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ فَكَانُواْ كَهَشِيمِ ٱلۡمُحۡتَظِرِ} (31)

ثم بيّن ما أجمله من العذاب فقال : { إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحدة } قال عطاء : يريد صيحة جبريل ، وقد مضى بيان هذا في سورة هود وفي الأعراف { فَكَانُواْ كَهَشِيمِ المُحْتَظر } قرأ الجمهور بكسر الظاء ، والهشيم : حطام الشجر ويابسه ، والمحتظر : صاحب الحظيرة ، وهو الذي يتخذ لغنمه حظيرة تمنعها عن برد الرّيح ، يقال : احتظر على غنمه : إذا جمع الشجر ووضع بعضه فوق بعض . قال في الصحاح : والمحتظر : الذي يعمل الحظيرة . وقرأ الحسن وقتادة وأبو العالية بفتح الظاء : أي كهشيم الحظيرة ، فمن قرأ بالكسر أراد الفاعل للاحتظار ، ومن قرأ بالفتح أراد الحظيرة ، وهي فعيلة بمعنى مفعولة ، ومعنى الآية : أنهم صاروا كالشجر إذا يبس في الحظيرة وداسته الغنم بعد سقوطه ، ومنه قول الشاعر :

أثرن عجاجه كدخان نار *** تشب بغرقد بال هشيم

وقال قتادة : هو العظام النخرة المحترقة . وقال سعيد بن جبير : هو التراب المتناثر من الحيطان في يوم ريح . وقال سفيان الثوري : هو ما يتناثر من الحظيرة إذا ضربتها بالعصي . قال ابن زيد : العرب تسمي كل شيء كان رطباً فيبس هشيماً ، ومنه قول الشاعر :

ترى جيف المطيّ بجانبيه *** كأن عظامها خشب الهشيم

/خ40