فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ فَكَانُواْ كَهَشِيمِ ٱلۡمُحۡتَظِرِ} (31)

{ إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة } قال عطاء : يريد صيحة جبريل صاح بهم في اليوم الرابع من عقر الناقة ، لأنه كان في يوم الثلاثاء ونزول العذاب بهم كان في يوم السبت وقد مضى بيان هذا في سورة هود والأعراف .

{ فكانوا كهشيم المحتضر } قرأ الجمهور بكسر الظاء ، والهشيم حطام الشجر ويابسه ، والمحتضر صاحب الحظيرة ، وهو الذي يتخذ لغنمه حظيرة تمنعها عن برد الريح ، يقال : احتظر على غنمه إذا جمع الشجر ووضع بعضه فوق بعض وقال في الصحاح : المحتضر الذي يعمل الحظيرة ، أي : من يابس الشجر والشوك ، يحفظ الغنم من السباع والذئاب ، والحظيرة زريبة الغنم ونحوها ، قال الشهاب ، وقرئ بفتح الظاء أي : كهشيم الحظيرة فمن قرأ بالكسر أراد الفاعل الاحتضار ، ومن قرأ بالفتح أراد الحظيرة ، وهي فعيلة بمعنى مفعولة ، ومعنى الآية : أنهم صاروا كالشجر إذا يبس في الحظيرة ، وداسته الغنم بعد سقوطه .

وقال قتادة : هو العظام النخرة المحترقة ، وقال سعيد بن جبير : هو التراب المتناثر من الحيطان في يوم ريح ، وقال سفيان الثوري : هو ما يتناثر من الحظيرة إذا ضربتها بالعصى ، قال ابن زيد : العرب تسمي كل شيء كان رطبا فيبس هشيما ، والمتهشم المتكسر ، والمحتضر الذي يعمل الحظيرة وما يحتضر به ييبس بطول الزمان ، وتتوطأه البهائم فيحتطم وينهشم ، وقال ابن عباس : كحظائر من الشجر محترقة ، وكالعظام المحترقة ، وكالحشيش تأكله الغنم .