قوله : { أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مّن قَرْنٍ } كلام مبتدأ لبيان ما تقدّمه ، والهمزة للإنكار ، و «كم » يحتمل أن تكون الاستفهامية وأن تكون الخبرية وهي معلقة لفعل الرؤية عن العمل فيما بعده ، و { مّن قَرْنٍ } تمييز ، والقرن : يطلق على أهل كل عصر ، سموا بذلك لاقترانهم ، أي ألم يعرفوا بسماع الأخبار ، ومعاينة الآثار ، كم أهلكنا من قبلهم من الأمم الموجودة في عصر بعد عصر ؛ لتكذيبهم أنبياءهم . وقيل القرن مدّة من الزمان . وهي ستون عاماً أو سبعون أو ثمانون أو مائة على اختلاف الأقوال ، فيكون ما في الآية على تقدير مضاف محذوف ، أي من أهل قرن . قوله : { مكناهم فِي الأرض مَا لَمْ نُمَكّن لَّكُمْ } مكّن له في الأرض جعل له مكاناً فيها ، ومكّنه في الأرض : أثبته فيها ، والجملة مستأنفة جواب سؤال مقدّر كأنه قيل : كيف ذلك ؟ وقيل : إن هذه الجملة صفة لقرن ، والأوّل : أولى ، و«ما » في { ما لم نمكن } نكرة موصوفة بما بعدها ، أي مكّناهم تمكيناً لم نمكّنه لكم ، والمعنى : إنا أعطينا القرون الذين هم قبلكم ، ما لم نعطكم من الدنيا ، وطول الأعمار وقوّة الأبدان ، وقد أهلكناهم جميعاً ، فإهلاككم وأنتم دونهم بالأولى . قوله : { وَأَرْسَلْنَا السماء عَلَيْهِم مدْرَاراً } يريد المطر الكثير ، عبّر عنه بالسماء ، لأنه ينزل من السماء ، ومنه قول الشاعر :
إذا نزل السماء بأرض قوم *** . . .
والمدرار صيغة مبالغة تدل على الكثرة كمذكار للمرأة التي كثرت ولادتها للذكور ، وميناث للتي تلد الإناث ، يقال درّ اللبن يدرّ ، إذا أقبل على الحالب بكثرة . وانتصاب { مدْرَاراً } على الحال ؛ وجريان الأنهار من تحتهم معناه : من تحت أشجارهم ومنازلهم ، أي أن الله وسّع عليهم النعم بعد التمكين لهم في الأرض ، فكفروها ، فأهلكهم الله بذنوبهم { وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ } أي من بعد إهلاكهم { قَرْناً آخَرِينَ } فصاروا بدلاً من الهالكين ، وفي هذا بيان لكمال قدرته سبحانه ، وقوّة سلطانه ، وأنه يهلك من يشاء ويوجد من يشاء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.