فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَكَيۡفَ أَخَافُ مَآ أَشۡرَكۡتُمۡ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمۡ أَشۡرَكۡتُم بِٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ عَلَيۡكُمۡ سُلۡطَٰنٗاۚ فَأَيُّ ٱلۡفَرِيقَيۡنِ أَحَقُّ بِٱلۡأَمۡنِۖ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (81)

{ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بالله مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سلطانا } أي كيف أخاف ما لا يضرّ ولا ينفع ولا يخلق ولا يرزق ، والحال أنكم لا تخافون ما صدر منكم من الشرك بالله ، وهو الضارّ النافع الخالق الرازق ، وأورد عليهم هذا الكلام الإلزامي الذي لا يجدون عنه مخلصا ولا متحولا ، والاستفهام للإنكار عليهم والتقريع لهم . { مَا } في { مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سلطانا } مفعول أشركتم ، أي ولا تخافون أنكم جعلتم الأشياء التي لم ينزل بها عليكم سلطاناً شركاء لله ، أو المعنى : أن الله سبحانه لم يأذن بجعلها شركاء له ، ولا نزل عليهم بإشراكها حجة يحتجون بها ، فكيف عبدوها واتخذوها آلهة ، وجعلوها شركاء لله سبحانه قوله : { فَأَيُّ الفريقين أَحَقُّ بالأمن } المراد بالفريقين : فريق المؤمنين وفريق المشركين ، أي إذا كان الأمر على ما تقدم من أن معبودي هو الله المتصف بتلك الصفات ، ومعبودكم هي تلك المخلوقات ، فكيف تخوّفوني بها ، وكيف أخافها ؟ وهي بهذه المنزلة ، ولا تخافون من إشراككم بالله سبحانه ، وبعد هذا فأخبروني أي الفريقين أحق بالأمن وعدم الخوف { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } بحقيقة الحال ، وتعرفون البراهين الصحيحة وتميزونها عن الشبه الباطلة ، ثم قال الله سبحانه قاضياً بينهم ومبيناً لهم .

/خ83