فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ كَذَّبَ بِـَٔايَٰتِهِۦٓۚ أُوْلَـٰٓئِكَ يَنَالُهُمۡ نَصِيبُهُم مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوۡنَهُمۡ قَالُوٓاْ أَيۡنَ مَا كُنتُمۡ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِۖ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ أَنَّهُمۡ كَانُواْ كَٰفِرِينَ} (37)

{ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بآياته } أي لا أحد أظلم منه . وقد تقدّم تحقيقه . والإشارة بقوله : { أولئك } إلى المكذبين المستكبرين { يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مّنَ الكتاب } أي مما كتب الله لهم من خير وشرّ . وقيل : ينالهم من العذاب بقدر كفرهم . وقيل : الكتاب هنا القرآن لأن عذاب الكفار مذكور فيه . وقيل هو اللوح المحفوظ .

قوله : { حتى إِذَا جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا } أي إلى غاية هي هذه . وجملة { يَتَوَفَّوْنَهُمْ } في محل نصب على الحال . والمراد بالرسل هنا : ملك الموت وأعوانه . وقيل : { حتى } هنا هي التي للابتداء . ولكن لا يخفى أن كونها لابتداء الكلام بعدها لا ينافي كونها غاية لما قبلها . والاستفهام في قوله : { أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ الله } للتقريع والتوبيخ ، أي أين الآلهة التي كنتم تدعونها من دون الله وتعبدونها ، وجملة { قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا } استئنافية بتقدير سؤال وقعت هي جواباً عنه ، أي ذهبوا عنا وغابوا فلا ندري أي هم ؟ { وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كافرين } أي أقرّوا بالكفر على أنفسهم .

/خ39