فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قَالَ ٱدۡخُلُواْ فِيٓ أُمَمٖ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِكُم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ فِي ٱلنَّارِۖ كُلَّمَا دَخَلَتۡ أُمَّةٞ لَّعَنَتۡ أُخۡتَهَاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعٗا قَالَتۡ أُخۡرَىٰهُمۡ لِأُولَىٰهُمۡ رَبَّنَا هَـٰٓؤُلَآءِ أَضَلُّونَا فَـَٔاتِهِمۡ عَذَابٗا ضِعۡفٗا مِّنَ ٱلنَّارِۖ قَالَ لِكُلّٖ ضِعۡفٞ وَلَٰكِن لَّا تَعۡلَمُونَ} (38)

قوله : { قَالَ ادخلوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم } القائل : هو الله عزّ وجلّ ، «وفي » بمعنى مع : أي مع أمم . وقيل : هي على بابها . والمعنى : ادخلوا في جملتهم . وقيل : هو قول مالك خازن النار . والمراد بالأمم التي قد خلت من قبلهم من الجن والإنس : هم الكفار من الطائفتين من الأمم الماضية { كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ } من الأمم الماضية { لَّعَنَتْ أُخْتَهَا } أي الأمة الأخرى التي سبقتها إلى النار ، وجعلت أختاً لها باعتبار الدين ، أو الضلالة ، أو الكون في النار { حَتَّى إِذَا ادّاركوا فِيهَا } أي تداركوا . والتدارك : التلاحق والتتابع ، والاجتماع في النار . وقرأ الأعمش «تداركوا » على الأصل من دون إدغام . وقرأ ابن مسعود ( حتى إِذَا أدركوا ) أي : أدرك بعضهم بعضاً . وروي عن أبي عمرو أنه قرأ بقطع ألف الوصل ، فكأنه سكت على إذا للتذكر ، فلما طال سكوته ، قطع ألف الوصل كالمبتدئ بها . وهو مثل قول الشاعر :

يا نفس صبراً كل حيّ لاقى *** وكل اثنين إلى افتراق

/خ39