فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّهُۥ يَزَّكَّىٰٓ} (3)

{ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يزكى } التفت سبحانه إلى خطاب نبيه صلى الله عليه وسلم ، لأن المشافهة أدخل في العتاب : أي أيّ شيء يجعلك دارياً بحاله حتى تعرض عنه ، وجملة { لَعَلَّهُ يزكى } مستأنفة لبيان أن له شأناً ينافي الإعراض عنه : أي لعله يتطهر من الذنوب بالعمل الصالح بسبب ما يتعلمه منك ، فالضمير في { لعله } راجع إلى { الأعمى } ، وقيل : هو راجع إلى الكافر : أي وما يدريك أن ما طمعت فيه ممن اشتغلت بالكلام معه عن الأعمى أنه يزكى أو يذكر ، والأوّل أولى . وكلمة الترجي باعتبار من وجه إليه الخطاب للتنبيه على أن الإعراض عنه مع كونه مرجوّ التزكي مما لا يجوز قرأ الجمهور { أن جاءه الأعمى } على الخبر بدون استفهام ، ووجهه ما تقدّم . وقرأ الحسن «آن جاءه » بالمدّ على الاستفهام ، فهو على هذه القراءة متعلق بفعل محذوف دلّ عليه { عبس وتولى } ، والتقدير أن جاءه الأعمى تولى وأعرض ، ومثل هذه الآية قوله في سورة الأنعام : { وَلاَ تَطْرُدِ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بالغداة والعشي } [ الأنعام : 52 ] وكذلك قوله في سورة الكهف { وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الحياة الدنيا } [ الكهف : 28 ] .

/خ42