فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمِنۡهُم مَّن يَقُولُ ٱئۡذَن لِّي وَلَا تَفۡتِنِّيٓۚ أَلَا فِي ٱلۡفِتۡنَةِ سَقَطُواْۗ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةُۢ بِٱلۡكَٰفِرِينَ} (49)

{ وَمِنْهُمُ } أي : من المنافقين { مَن يِقُولُ } لرسول الله صلى الله عليه وسلم { ائذن لّي } في التخلف عن الجهاد { وَلاَ تَفْتِنّي } أي : لا توقعني في الفتنة ، أي الإثم ، إذا لم تأذن لي فتخلفت بغير إذنك ؛ وقيل : معناه : لا توقعني في الهلكة بالخروج { أَلا فِي الفتنة سَقَطُواْ } أي : في نفس الفتنة سقطوا ، وهي : فتنة التخلف عن الجهاد ، والاعتذار الباطل . والمعنى : أنهم ظنوا أنهم بالخروج أو بترك الإذن لهم يقعون في الفتنة ، وهم بهذا التخلف سقطوا في الفتنة العظيمة . وفي التعبير بالسقوط ما يشعر بأنهم وقعوا فيها وقوع من يهوي من أعلى إلى أسفل ، وذلك أشدّ من مجرّد الدخول في الفتنة ، ثم توعدهم على ذلك فقال : { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بالكافرين } أي : مشتملة عليهم من جميع الجوانب لا يجدون عنها مخلصاً ، ولا يتمكنون من الخروج منها بحال من الأحوال .

/خ49