فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قُلۡ أَنفِقُواْ طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهٗا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمۡ إِنَّكُمۡ كُنتُمۡ قَوۡمٗا فَٰسِقِينَ} (53)

قوله : { قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ } هذا الأمر معناه الشرط والجزاء ، لأن الله سبحانه لا يأمرهم بما لا يتقبله منهم . والتقدير : إن أنفقتم طائعين أو مكرهين فلن يتقبل منكم ؛ وقيل : هو أمر في معنى الخبر : أي أنفقتم طوعاً أو كرهاً لن يتقبل منكم ، فهو كقوله : { استغفر لَهُمْ أَوْ لاَ نسْتَغْفِرْ لَهُمْ } وفيه الإشعار بتساوي الأمرين في عدم القبول ، وانتصاب طوعاً أو كرهاً على الحال ، فهما مصدران في موقع المشتقين : أي أنفقوا طائعين من غير أمر من الله ورسوله ، أو مكرهين بأمر منهما . وسمي الأمر منهما إكراهاً لأنهم منافقون لا يأتمرون بالأمر . فكانوا بأمرهم الذي لا يأتمرون به كالمكرهين على الإنفاق ، أو طائعين من غير إكراه من رؤسائكم أو مكرهين منهم ، وجملة { إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فاسقين } تعليل لعدم قبول إنفاقهم ، والفسق : التمرّد والعتوّ ، وقد سبق بيانه لغة وشرعاً .

/خ57