16- { وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب } .
القِط : النصيب من العذاب أو النعيم ، ويطلق على الحظ ، والكتاب بالجوائز .
استعرض القرآن أفكارهم عن الألوهية والنبوة والجزاء .
فقال عنهم : { أجعل الآلهة إلها واحدا . . . } [ ص : 5 ] .
وقال عنهم : { أأنزل عليه الذكر من بيننا… } [ ص : 8 ] .
وهنا يستعرض سخريتهم بالبعث والجزاء والحساب ، وطلبهم تعجيل نصيبهم من العذاب في الدنيا قبل الموت .
والمعنى : عجّل لنا نصيبنا وقسطنا من الجزاء الأخروي هنا في الدنيا قبل الحساب ، وهو لون من ألوان التعنّت ، حكاه القرآن عنهم في سورة سابقة ، مثل : { وإذا قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم } . [ الأنفال : 32 ] .
ونسب سبحانه وتعالى إليهم جميعا ، مع أن القائل هو النضر بن الحارث الذي تعجل نزول العذاب ، وفيه نزل قوله سبحانه : { سأل سائل بعذاب واقع * للكافرين ليس له دافع } . [ المعارج : 1 ، 2 ] .
وقيل : الذي تعجل نزول العذاب هو أبو جهل ، لكن الجميع قد رضوا بقول هذا القائل ، ولم يعترضوا عليه فنسب إليهم جميعا ، وقيل : المراد بقوله تعالى : { عجل لنا قطنا . . . } أي : صحائف أعمالنا لننظر فيها قبل يوم الحساب .
وقيل : المراد : نصيبنا في الجنة التي وعد بها محمد أتباعه ، وكل هذه الآراء تشير إلى سخريتهم وتطاولهم وغرورهم ، أو التحدّي لما يحدث في الآخرة .
قال تعالى : { ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده ، وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون } . [ الحج : 47 ] .
وقال تعالى : { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } [ الأنفال : 33 ] .
وقوله تعالى :{ وَقَالُواْ رَبَّنَا عَجّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الحساب } حكاية لما قالوه عند سماعهم بتأخير عقابهم إلى الآخرة أي قالوا بطريق الاستهزاء والسخرية ربنا عجل لنا قسطنا ونصيبنا من العذاب الذي توعدنا به ولا تؤخره إلى يوم الحساب الذي مبدؤه الصيحة المذكورة ، وتصدير دعائهم بالنداء المذكور للإمعان في الاستهزاء كأنهم يدعون ذلك بكمال الرغبة والابتهال والقائل على ما روي عن عطاء النضر بن الحرث بن علقمة بن كلدة وهو الذي قال الله تعالى فيه : { سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } [ المعارج : 1 ] وأبو جهل على ما روي عن قتادة ، وعلى القولين الباقون راضون فلذا جىء بضمير الجمع ، والقط القطعة من الشيء من قطه إذا قطعه ويقال لصحيفة الجائزة قط لأنها قطعة من القرطاس ، ومن ذلك قول الأعشى
: ولا الملك النعمان يوم لقيته *** بنعمته يعطي القطوط ويطلق
قيل وهو في ذلك أكثر استعمالاً وقد فسره بها هنا أبو العالية . والكلبي أي عجل لنا صحيفة أعمالنا لننظر فيها وهي رواية عن الحسن ، وجاء في رواية أخرى عنه أنهم أرادوا نصيبهم من الجنة ، وروي هذا أيضاً عن قتادة . وابن جبير ، وذلك أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر وعد الله تعالى المؤمنين الجنة فقالوا على سبيل الهزء : عجل لنا نصيبنا منها لنتنعم به في الدنيا ، قال السمرقندي : أقوى التفاسير أنهم سألوا أن يعجل لهم النعيم الذي كان يعده عليه الصلاة والسلام من آمن لقولهم ربنا ولو كان على ما يحمله أهل التأويل من سؤال العذاب أو الكتاب استهزاءً لسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يسألوا ربهم ، وفيه بحث يعلم مما مر آنفاً .
قوله : { وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ } : القط ، معناه الحظ والنصيب . أو هو الكتاب والصك بالجائزة ؛ أي قال المشركون على سبيل السخرية والاستهزاء : يا ربنا عجل لنا حظنا ونصيبنا من العذاب قبل يوم القيامة .
قوله : { اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ } أي : اصبر يا محمد على اجتراء قومك على تكذيبك والاستسخار منك ؛ فإنما العاقبة لك وللمؤمنين المتقين من أمتك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.