تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكۡرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلۡبٌ أَوۡ أَلۡقَى ٱلسَّمۡعَ وَهُوَ شَهِيدٞ} (37)

36

المفردات :

لذكرى : لعبرة .

قلب : لب يعى به .

ألقى السمع : أصغى لما يتلى عليه من الوحي .

شهيد : فطن غير متغافل ، وهو من الشهود بمعنى الحضور ، والمراد به : الفطن ، إذ غيره كأنه غائب .

التفسير :

37- { إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد } .

وفي هذا القرآن ، وفي هذه السورة ، وفي الآية السابقة المتضمنة هلاك المكذبين ، مثل قوم نوح وعاد وثمود وقوم تبع ، في كل ذلك عظة لمن كان له قلب حاضر ، أو لمن كان له استماع متأمل ، وهو شاهد بجسمه وقلبه ، فيجتمع له من سلامة القلب ، وإلقاء السمع ، وحضور الذهن ، ما يحقق له النفع ، والوقوف على جلية الأمر ، وهو شهيد وحاضر بالجسم والفؤاد المتيقظ ، كأن من لم يتأمل غائب غير شهيد .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكۡرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلۡبٌ أَوۡ أَلۡقَى ٱلسَّمۡعَ وَهُوَ شَهِيدٞ} (37)

{ إِنَّ فِى ذَلِكَ } أي الإهلاك أو ما ذكر في السورة { لِذِكْرِى } لتذكرة وعظة { لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ } أي قلب واع يدرك الحقائق فإن الذي لا يعي ولا يفهم بمنزلة العدم ، وفي «الكشف » { لّمَن كَانَ } الخ تمثيل { أَوْ أَلْقَى السمع } أي أصغي إلى ما يتلى عليه من الوحي { وَهُوَ شَهِيدٌ } أي حاضر على أنه من الشهود بمعنى الحضور ، والمراد به المتفطن لأن غير المتفطن منزلة منزلة الغائب فهو إما استعارة أو مجاز مرسل والأول أولى ، وجوز أن يكون من الشهادة وصفاً للمؤمن للأنه شاهد على صحة المنزل وكونه وحياً من الله تعالى فيبعثه على حسن الإصغاء أو وصفاً له من قوله تعالى : { لّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى الناس } [ البقرة : 143 ] كأنه قيل : وهو من جملة الشهداء أي المؤمنين من هذه الأمة فهو كناية على الوجهين ، وجوز على الأول منهما أن لا يكون كناية على أن المراد وهو شاهد شهادة عن إيقان لا كشهادة أهل الكتاب .

وعن قتادة المعنى لمن سمع القرآن من أهل الكتاب وهو شاهد على صدقه لما يجده في كتابه من نعته ، والأنسب بالمساق والأملأ بالفائدة الأخذ من الشهود ، والوجه جعل { وَهُوَ شَهِيدٌ } حالاً من ضمير الملقى لا عطفاً على { ألقى } كما لا يخفى على من له قلب أو القى السمع وهو شهيد ، والمراد أن فيما فعل بسوالف الأمم أو في المذكور إماماً من الآيات لذكرى لاحدى طائفتين من له قب يفقه عن الله عز وجل ومن له سمع مصغ مع ذهن حاضر أي لمن له استعداد القبول عن الفقيه إن لم يكن فقيهاً في نفسه ، و { أَوْ } لمنع الخلو من حيث أنه يجوز أن يكون الشخص فقيهاً ومستعداً للقبول من الفقيه ، وذكر بعضهم أنها لتقسيم المتذكر إلى تال وسامع أو إلى فقيه ومتعلم أو إلى عالم كامل الاستعداد لا يحتاج لغير التأمل فيما عنده وقاصر محتاج للتعلم فيتذكر إذا أقبل بكليته وأزال الموانع بأسرها فتأمل .

وقرأ السلمي . وطلحة . والسدي . وأبو البرهسم { أَوْ أَلْقَى } مبنياً للمفعول { السمع } بالرفع على النيابة عن الفاعل ؛ والفاعل المحذوف اما المعبر عنه بالموصول أولاً ، وعلى الثاني معناه لمن ألقى غيهر السمع وفتح أذنه ولم يحضر ذهنه ، وأما هو فقد ألقى وهو شاهد متفطن محضر ذهنه ، فالوصف أعني الشهود معتمد الكلام ، وإنما أخرج في الآية بهذه العبارة للمبالغة في تفظنه وحضوره ، وعلى الأول معناه لمن ألقى سمعه وهو خحاضر متفطن ، ثم لو قدر موصول آخر بعد { أَوْ } فذو القلب والملقى غير أن شخصاً ولو لم يقدر جاز أن يكونا شخصين وأن يكونا شخصاً باعتبار حالين حال تفطنه بنفسه وحال إلقائه السمع عن حضور إلى متفطن بنفسه لأن { مِنْ } عام يتناول كل واحد واحد .