تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۖ وَهَمَّتۡ كُلُّ أُمَّةِۭ بِرَسُولِهِمۡ لِيَأۡخُذُوهُۖ وَجَٰدَلُواْ بِٱلۡبَٰطِلِ لِيُدۡحِضُواْ بِهِ ٱلۡحَقَّ فَأَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَيۡفَ كَانَ عِقَابِ} (5)

1

المفردات :

الأحزاب : الجماعات الذين تحزبوا على الرسل في كل أمة .

ليدحضوا به الحق : ليبطلوه ويزيلوه .

التفسير :

5- { كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب } .

لقد وقف قوم نوح في وجه دعوته زمانا طويلا : { قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين } . ( هود : 32 ) .

وكذلك كذبت الأحزاب الذين تحزبوا على رسلهم ، مثل عاد وثمود وفرعون ، وحاولت كل دولة ظالمة أن تقيّد الرسول أو تأسره أو تقتله ، أو تسكت صوته بأي وسيلة ، وجادلت كل أمة رسولها بالباطل ، رغبة في إسكات صوت الحق ، والتغلّب عليه ، فأهلكتُ هؤلاء الكفار هلاكا شديدا ، فانظر كيف كان عقابي لهم ، لقد أغرق الطوفان قوم نوح ، وهلكت عاد وثمود ، وغرق فرعون وهامان .

قال تعالى : { وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين * فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } . ( العنكبوت : 39 ، 40 ) .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۖ وَهَمَّتۡ كُلُّ أُمَّةِۭ بِرَسُولِهِمۡ لِيَأۡخُذُوهُۖ وَجَٰدَلُواْ بِٱلۡبَٰطِلِ لِيُدۡحِضُواْ بِهِ ٱلۡحَقَّ فَأَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَيۡفَ كَانَ عِقَابِ} (5)

قوله تعالى : { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ( 5 ) } .

يبين الله في ذلك حال المشركين السابقين من الأمم الغابرة . وأن هؤلاء المشركين الذين جاءوا من بعدهم قد سلكوا طريقهم في الكفر والزيغ عن منهج الله والصَّدِّ عن دينه . وفي ذلك تسلية من الله لرسوله في تكذيب المشركين من قومه له ، بأن له أسوة في الذين سلفوا من النبيين ؛ فقد كذبتهم أممهم وتحزّبوا عليهم بالصدِّ والجحود وهو قوله : { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ } والأحزاب من بعد نوح ، كقوم عاد وثمود وغيرهم من المكذبين الذين جحدوا ما جاءهم به المرسلون { وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ } أي همت كل أمة من هذه الأمم الجاحدة برسولهم المبعوث فيهم لهدايتهم { لِيَأْخُذُوهُ } أي ليأسروه أو ليحبسوه ويعذبوه أو ليقتلوه .

قوله : { وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ } أي خاصموا رسولهم بغير حق ؛ بل خاصموه بالشرك والضلال والتكذيب { لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ } أي ليزيلوه . وذلك هو ديدن المشركين المكذبين في كل زمان ، إذ يصطنعون الحجج الفاسدة والمخاصمة الشريرة ليبددوا دعوة الحق والهدى وليزيلوا منهج الله من الأرض أو ليُلْبِسوه على الناس إلباسا فيظل في أذهانهم مشوّها مستهجنا .

قوله : { فَأَخَذْتُهُمْ } أي أهلكت هؤلاء المخاصمين المبطلين بالعذاب { فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ } أي فكيف كان عقابي الذي عاقبتهم به . ألم يروا أنه حق وأنه شديد . وأنتم تمرون على مساكنهم وأرضهم فتعاينون أثر التدمير والعقاب .