تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِي كَفَّ أَيۡدِيَهُمۡ عَنكُمۡ وَأَيۡدِيَكُمۡ عَنۡهُم بِبَطۡنِ مَكَّةَ مِنۢ بَعۡدِ أَنۡ أَظۡفَرَكُمۡ عَلَيۡهِمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرًا} (24)

20

المفردات :

كف أيديهم عنكم : أيدي كفار مكة .

وأيديكم عنهم ببطن مكة : يعني الحديبية .

أظفركم عليهم : أظهركم عليهم ، وجعلكم متغلبين عليهم ، فإن عكرمة بن أبي جهل خرج في خمسمائة إلى الحديبية ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد على جند فهزمهم ، حتى أدخلهم حيطان مكة ثم عاد .

التفسير :

24- { وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا } .

تشير روايات في صحيح مسلم وغيره إلى أن ثمانين رجلا من أهل مكة هبطوا على المسلمين من قبل جبل التنعيم ، يريدون غزوة في المسلمين ، فأخذوا وعفا عنهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وعادوا إلى مكة ، وكان ذلك سبب نزول هذه الآية .

والآية مع ذلك تفسر بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فالله تعالى بحكمته وقدرته ومشيئته ، أراد أن يمر يوم الحديبية دون قتال ، فمنع أيدي المسلمين عن قتال أهل مكة ، ومنع أهل مكة عن قتال المسلمين ، من بعد أن غنم المسلمون ثمانين محاربا فأطلقوهم ، وطارد نخبة من جيش المسلمين فئة من أهل مكة كانوا خمسمائة مقاتل ، بقيادة عكرمة بن أبي جهل ، فهزم المشركون وطاردهم المسلمون إلى جدران مكة ، وكان معروفا يومئذ أن الغلبة والقوة والبيعة مع المسلمين .

{ وكان الله بما تعملون بصيرا } .

كان مطلعا ومشاهدا لاجتهادكم في مطاردة أعدائكم إلى جدران مكة ، ويقظتكم واستيلائكم على ثمانين محاربا دعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فكف الله بصرهم ، واستولى عليهم المسلمون ، ثم أطلق النبي سراحهم ، وكل هذا يسر لمعاهدة الحديبية ، ثم يسر بعد ذلك لفتح مكة .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِي كَفَّ أَيۡدِيَهُمۡ عَنكُمۡ وَأَيۡدِيَكُمۡ عَنۡهُم بِبَطۡنِ مَكَّةَ مِنۢ بَعۡدِ أَنۡ أَظۡفَرَكُمۡ عَلَيۡهِمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرًا} (24)

قوله عز وجل { وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيراً } قرأ أبو عمرو بالياء ، وقرأ الآخرون بالتاء ، واختلفوا في هؤلاء .

أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أنبأنا عبد الغافر بن محمد ، أنبأنا محمد بن عيسى الجلودي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا عمرو ابن محمد الناقد ، حدثنا يزيد بن هارون ، أنبأنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ابن مالك رضي الله عنهم : أن ثمانين رجلاً من أهل مكة ، هبطوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من جبل التنعيم متسلحين يريدون غدر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فأخذوا سباياً فاستحياهم ، وأنزل الله عز وجل هذه الآية : { وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم } قال عبد الله بن مغفل المزني : " كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية في أصل الشجرة التي قال الله تعالى في القرآن ، وعلى ظهره غصن من أغصان تلك الشجرة فرفعته عن ظهره ، وعلي بن أبي طالب بين يديه يكتب كتاب الصلح ، فخرج علينا ثلاثون شاباً عليهم السلاح فثاروا في وجوهنا ، فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ الله بأبصارهم فقمنا إليهم فأخذناهم ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : جئتم في عهد ؟ أو جعل لكم أحد أماناً ؟ فقالوا : اللهم لا ، فخلى سبيلهم ، فأنزل الله عز وجل هذه الآية " .

 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِي كَفَّ أَيۡدِيَهُمۡ عَنكُمۡ وَأَيۡدِيَكُمۡ عَنۡهُم بِبَطۡنِ مَكَّةَ مِنۢ بَعۡدِ أَنۡ أَظۡفَرَكُمۡ عَلَيۡهِمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرًا} (24)

{ وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا }

{ وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة } بالحديبية { من بعد أن أظفركم عليهم } فإن ثمانين منهم طافوا بعسكركم ليصيبوا منكم فأخذوا وأتي بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعفا عنهم وخلى سبيلهم فكان ذلك سبب الصلح { وكان الله بما يعملون بصيراً } بالياء والتاء ، أي لم يزل متصفاً بذلك .