محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَهُوَ ٱلَّذِي كَفَّ أَيۡدِيَهُمۡ عَنكُمۡ وَأَيۡدِيَكُمۡ عَنۡهُم بِبَطۡنِ مَكَّةَ مِنۢ بَعۡدِ أَنۡ أَظۡفَرَكُمۡ عَلَيۡهِمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرًا} (24)

{ وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا 24 } .

{ وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم } أي قضى بينهم وبينكم المكافّة والمحاجزة ، بعدما خولكم الظفر عليهم والغلبة . إشارة إلى منة الصلح ونعمته في الحديبية ، وأن ذلك عناية منه تعالى بما حفظ من أنفسهم وأموالهم ، ولطف بهم يومئذ لما ادخر لهم بعده .

وقد ذهب بعضهم إلى أنه عنى بهذا الكف ، ما كان يوم الفتح . ونظر فيه بأن السورة نزلت قبله .

وقال ابن إسحاق : حدثني من لا أتهم عن عكرمة مولى ابن عباس ، أن قريشا كانوا بعثوا أربعين رجلا منهم أو خمسين ، وأمروهم أن يطوفوا بعسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصيبوا من أصحابه أخذا ، فأخذوا أخذا . فأتى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعفا عنهم ، وخلى سبيلهم . وقد كانوا رموا في عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجارة والنبل . قال ابن إسحاق : ففي ذلك قال { وهو الذي كف أيديهم عنكم . . . } الآية .

وروى ابن جرير{[6645]} عن مجاهد قال : أقبل معتمرا نبي الله صلى الله عليه وسلم . فأخذ أصحابه ناسا من أهل الحرم غافلين ، فأرسلهم النبيّ صلى الله عليه وسلم . فذلك الإظفار ببطن مكة . قال قتادة : بطن مكة ، الحديبية .

{ وكان الله بما تعملون بصيرا } أي فيجازيكم عليه .


[6645]:انظر الصفحة رقم 94 من الجزء السادس والعشرين(طبعة الحلبي الثانية(.