يعوذون : يلتجئون ، وكان الرجل إذا أمسى بقفر قال : أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه .
رهقا : تكبرا ، وأصل الرهق : الإثم وغشيان المحارم .
6- وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا .
كان الرجل من العرب في الجاهلية إذا أمسى في قفر من الأرض قال : أعوذ بسيد هذا الوادي ، أو بعزيز هذا المكان ، من شر سفهاء قومه ، يريد الجن وكبيرهم فيبيت في جواره حتى يصبح .
وهذه الاستعاذة من الإنس بعزيز الجن وكبيرهم ، زادت الجن تيها وكبرا ، وصلفا وعتوّا ، حيث قالت الجن : سدنا الإنس والجن ، أو أن الجن زادوا الإنس خوفا وفرقا ، بل زادوهم كفرا ، إذ الاستعاذة لا تكون إلا بالله ، وأن تعظيم الجن والخوف منهم ، واعتقاد أن لهم ضررا أو نفعا بدون إذن الله ، يؤدي إلى فساد العقيدة .
كان بعض رجال الإنس يتحصّنون ويتعوّذون بسادة الجن ، فعبثت الجن بهؤلاء الناس ، وزادتهم خوفا وقلقا واضطرابا ، ويؤخذ من ذلك أن المؤمن يتحصّن بالقرآن الكريم والسنة الصحيحة ، كما ورد في المأثورات .
ومما يتعوذ به المؤمن من الحسد والعين والسحر والجن ما يأتي :
4- بسم الله ما شاء الله ، لا قوة إلا بالله .
5- قل هو الله أحد ، والمعوذتين .
6- فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين . ( يوسف : 64 ) .
8- ( أعيذك بكلمات ربنا التامّات المباركات ، ما علمت منها وما لم أعلم ، من شرّ ما ينزل في الأرض وما يخرج منها ، وما يصعد إلى السماء وما ينزل منها ، ومن طوارق الليل والنهار ، إلا طارقا يطرق بخير يا رحمان ) .
9- اليقين الجازم بأن بيد الله الخلق والأمر ، وأن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء ما نفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وأن الأمة لو اجتمعت على أن يضرّوك بشيء ما ضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، فهذا اليقين هو الصخرة الصمّاء التي تتكسر عليها سهام الحاسدين والمؤذين .
إن العقيدة الصادقة بأنّ بيد الله كل شيء ، وأن الجن لا تستطيع نفعا أو ضرّا إلا بإذن الله ، ذلك هو الذي يبدد الخوف والقلق ، ويبعث على الرضا وراحة البال وسعادة النفس .
قال الله : { وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن } وذلك أن الرجل من العرب في الجاهلية كان إذا سافر فأمسى في أرض قفر ، قال : أعوذ بسيد هذا الوادي من شر سفهاء قومه ، فيبيت في أمن وجوار منهم حتى يصبح .
أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أنبأنا أبو إسحاق الثعلبي ، أنبأنا ابن فنجويه ، حدثنا عبد الله بن يوسف بن أحمد بن مالك ، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن إسحاق المروزي ، حدثنا موسى بن سعيد بن النعمان بطرسوس ، حدثنا فروة بن أبي المعز الكندي ، حدثنا القاسم بن مالك ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن أبيه ، عن كردم بن أبي سائب الأنصاري قال : خرجت مع أبي إلى المدينة في حاجة وذلك أول ما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، فآوانا البيت إلى راعي غنم ، فلما انتصف النهار جاء ذئب فأخذ حملاً من الغنم ، فوثب الراعي فقال : يا عامر الوادي جارك ، فنادى مناد لا نراه ، يقول : يا سرحان أرسله ، فأتى الحمل يشتد حتى دخل الغنم ولم تصبه كدمته ، فأنزل الله عز وجل على رسول صلى الله عليه وسلم بمكة { وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم } يعني زاد الإنس الجن باستعاذتهم بقادتهم { رهقا } قال ابن عباس : إثماً . قال مجاهد : طغياناً . قال مقاتل : غياً . قال الحسن : شراً قال إبراهيم : عظمة . وذلك أنهم كانوا يزدادون بهذا التعوذ طغياناً ، يقولون : سدنا الجن والإنس ، والرهق في كلام العرب : الإثم وغشيان المحارم .
{ وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن } تفسير هذا ما روي : أن العرب كانوا إذا حل أحد منهم بواد صاح بأعلى صوته يا عزيز هذا الوادي أني أعوذ بك من السفهاء الذين في طاعتك ويعتقد أن ذلك الجن الذي بالوادي يحميه .
{ فزادوهم رهقا } ضمير الفاعل للجن وضمير المفعول للإنس والمعنى : أن الجن زادوا الإنس ضلالا وإثما لما عاذوا بهم أو زادوهم تخويفا لما رأوا ضعف عقولهم ، وقيل : ضمير الفاعل للإنس وضمير المفعول للجن والمعنى أن الإنس زادوا الجن تكبرا وطغيانا لما عاذوا بهم حتى كان الجن يقول أنا سيد الجن والإنس .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.