تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَهَبۡ لِي مُلۡكٗا لَّا يَنۢبَغِي لِأَحَدٖ مِّنۢ بَعۡدِيٓۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ} (35)

34

المفردات :

لا ينبغي : لا يتيسّر .

من بعدي : من دوني

التفسير :

35-{ قال ربي اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب } .

قدّم سليمان طلب المغفرة من الله ، حتى يكون طاهرا ، لأنه قد يترك الأفضل والأولى ، فاحتاج إلى طلب المغفرة ، كما قالوا : حسنات الأبرار سيئات المقربين ، ولأن هذا في مقام التذلل والخضوع ، كما قال صلى الله عليه وسلم : " إني لأستغفر الله في اليوم والليلة سبعين مرة " .

{ وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب } .

أي : هب لي ملكا لا يكون لأحد غيري لعظمه ، أي أن يكون زائدا على الممالك زيادة خارقة للعادة ، بالغة حدّ الإعجاز ، ليكون ذلك دليلا على نبوّته ، وقاهرا للمبعوث إليهم ، ونلحظ أن سليمان قدّم الدعاء بطلب المغفرة ، وآخر الدعاء بطلب الملك ، وقد نتساءل : كيف يهتم رسول آمين بمطالب دنيوية ؟ والجواب : أن سليمان كان مشغولا بنشر الدعوة ، وتبليغ الرسالة إلى المماليك المجاورة ، فطلب من الله تعالى أمرا عظيما معجزا ، ليساعده في إعلاء كلمة الله ، ونشر العدالة بين الناس ، وإنصاف المظلوم ، وتنفيذ شرع الله على الوجه الأكمل .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَهَبۡ لِي مُلۡكٗا لَّا يَنۢبَغِي لِأَحَدٖ مِّنۢ بَعۡدِيٓۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ} (35)

فلما رجع { قال رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي } قال مقاتل وابن كيسان : لا يكون لأحد من بعدي . قال عطاء بن أبي رباح : يريد هب لي ملكاً لا تسلبنيه في آخر عمري ، وتعطيه غيري كما استلبته في ما مضى من عمري . { إنك أنت الوهاب } قيل : سأل ذلك ليكون آية لنبوته ، ودلالة على رسالته ، ومعجزةً . وقيل : سأل ذلك ليكون علماً على قبول توبته حيث أجاب الله دعاءه ورد إليه ملكه ، وزاده فيه . وقال مقاتل بن حيان : كان لسليمان ملكاً ولكنه أراد بقول : ( ( لا ينبغي لأحد من بعدي ) ) تسخير الرياح والطير والشياطين ، بدليل ما بعده .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن بشار ، حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن عفريتاً من الجن تفلت البارحة ليقطع علي صلاتي ، فأمكنني الله منه ، فأخذته فأردت أن أربطه على سارية من سواري المسجد ، حتى تنظروا إليه كلكم ، فذكرت دعوة أخي سليمان { رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي } فرددته خاسئاً " .