اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَأَنۢبَتۡنَا عَلَيۡهِ شَجَرَةٗ مِّن يَقۡطِينٖ} (146)

قوله : { وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ } : أي له ، وقيل : عنده ، { شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ } : اليقطين : فْعِيلٌ من قَطَنَ بالمكان إذا أقام فيه لا يَبْرَحُ . قال المبرد والزجاج : اليقطينُ كل ما لم يكن له ساقٌ من عُود كالقِثَّاءِ والقَرْع والبَطِّيخِ والحَنْظَلِ وهو قوله الحسن و قتادة ومقاتل . قال البغوي : المراد هنا القرع على قول جميع المفسرين . وروى الفراء أنه ورق القرع عن ابن عباس ، فقال : ومن جعل ورق القرع من بين الشجر يقطيناً كل ورقة اتسعت وسترت فهي يقطين .

واعلم أن في قوله : { شجرة } : ما يرد قول بعضهم أن الشجرة في كلامهم ما كان لها ساق من عود ، بل الصحيحُ أنها أعم ، ولذلك بُيِّنَتْ بقوله : { مِنْ يَقْطين } ، وأما قوله : { والنجم والشجر } [ الرحمن : 6 ] فلا دليل فيه لأنه استعمال اللفظ العام في أحد مدلولاته .

وقيل : بل أنبت الله اليقطين الخاص على ساق معجزةً له ، فجاء على أصله . قال الواحدي : الآية تقتضي شيئين لم يذكرهما المفسرون : أحدهما : أن هذا اليقطين لم يكن فأنبته الله لأجله ، والآخر : أن اليقطين مغروس ليحصل له ظل ، ولو كان منبسطاً على الأرض لم يمكن أن يستظل به . وقال مقاتل بن حَيًّان : كان يونس يستظلّ بالشجرة وكانت وَعْلة تختلف إليه فيشرب من لبنها بُكْرةً وعشيًّا حتى اشتد لحمه ونَبَتَ شَعْرُهُ .

وقال ههنا : { فنبذناه بالعَرَاءِ } وقال في موضع آخر : { لَّوْلاَ أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بالعرآء وَهُوَ مَذْمُومٌ } [ القلم : 49 ] ولكنه تداركه النعمة فنَبَذَهُ وهو غير مذموم .

فصل

قال شهاب الدين : ولو بنيت من الوعد مثل يقطين لقلت : يَوْعِيدٌ ، لا يقال بحذف الواو لوقوعها بين ياء وكسرة كيَعدُ مضارع«وَعَدَ » لأن شرط تلك الياء أن تكون للمضارعة ، وهذه مما يمتحن بها أهل التصريف بعضُهْم بعضاً .