اقوله تعالى : { وأنبتنا عليه شجرة من يقطين } : قال بعضهم : هي شجرة القَرْع ، أنبت عليه ليأكل منه ، ويستظل بها ، وقال بعضهم : كل شجرة تنبسط على وجه الأرض مما تتّسع أطرافها إذا مُدّت ، وأصلها واحد ، فهو يقطين من البطيخ والعُرجون وغيرهما ، والأشبه أن تكون شجرة القرع لأنها أسرع الأشجار نبتا وامتدادا وارتفاعا في السماء في مدة لطيفة ووقت قريب ، والوصول إلى الارتفاع بها أكلا واستظلالا بها ما لا يكون مثل ذلك في مثل تلك المدة من الأشجار ، والله أعلم .
وعلى ذلك روي أنه قيل : ( يا رسول الله إنك لتُحبّ القَرْع ، قال : أجل ، هي شجرة أخي يونس ، وهي تزيد في العقل ) [ بنحوه البخاري 2092 ] ، فهذا يدل إن ثبت أنها كانت شجرة القرع ، والله أعلم .
ثم فيه لطف من الله عز وجل حين أنبت عليه شجرة في وقت لطيف ، لا ينبث مثلها إلا بعد مدة طويلة ووقت مديد ، وأبقى عليه الضعف وقتا طويلا مما يرفع ذلك ، ويزول في وقت يسير في العُرف ليذكّره ما أنعم عليه ، ويقوم بشكره ، وهو كما ذكر في قصة صاحب موسى الحمار حين قال عز وجل : { فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنّه وانظر إلى حمارك } [ البقرة : 259 ] أبقى طعامه وشرابه ، وحفظه وقتا طويلا فلم يغير ما طبعه التغيّر في وقت يسير ، وغيّر ما طبعه البقاء ، لطفا منه . فعلى ذلك أنبت على يونس شجرة في وقت لطيف مما لا ينبت مثلها إلا وقت طويل ، وأبقى ذلك الضعف الذي كان به والسقم مما سبيله الزوال والارتفاع في وقت يسير لطفا منه لتذكير ما ذكرنا ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.