{ يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا( 63 ) إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا( 64 ) خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا( 65 ) يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله واطعنا الرسولا( 66 ) وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ربنا ءاتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا( 67 ) }
عن الساعة : عن القيامة ، استهزاء وتعنتا أو امتحانا .
قريبا : ربما توجد في زمن قريب وفيه تهديد للمستعجلين .
{ يسئلك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا } .
أي يسألونك عن وقت قيامها وكان المشركون في مكة يسألون عن الساعة على سبيل الهزء والسخرية وكان اليهود يسألون عنها امتحانا وتعنتا لأنه يعلمون من التوراة أن الله قد أخفاها فلم يطلع عليها ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا حتى يجتهد الناس في دينهم وتقواهم وطاعتهم لله خشية قيام الساعة التي لا وقت لها فربما نزل الموت بالإنسان فجأة إثر حادثة أو نازلة ، ومن مات فقد قامت قيامته وهذا يجعله في حالة ترقب وانتظار وتوقع .
{ قل إنما علمها عند الله . . . } .
فلا يعلم وقت مجيئها إلا الله سبحانه وتعالى ، وفي آيات كثيرة يفيد القرآن أن الله أخفاها لحكمة إلهية عليا حتى يجتهد العباد ويجازي الناس على اجتهادهم عن عدالة ، كما أخفى الله الصلاة الوسطى في الصلوات الخمس وأخفى ساعة الإجابة في ساعات يوم الجمعة ، وأخفى أولياءه في خلقه وأخفى ليلة القدر في رمضان أو في العشر الأواخر من رمضان وأخفى اسمع العظم في أسمائه الحسنى كل ذلك ليظل المؤمن مراعيا لحرمة الصلوات جميعا وحرمة شهر رمضان أو العشر الأواخر كلها ويواظب على الاجتهاد في يوم الجمعة وليلته ويذكر أسماء الله الحسنى كلها .
وبعض الناس يدعى أن لعدد تسعة عشر أهمية كبرى ويدعى أن قيام الساعة سنة 1999م وكلها ترهات وأكاذيب لا حقائق لها ، وقد سبق أن ادعى كهان ومنجمون وفلكيون موعد قيام الساعة وظهر كذبهم وتخبطهم ثم هربوا من ملاحقة الناس لهم والساعة غيب لا يعلمه إلا الله .
قال تعالى : { يسئلونك عن الساعة أيان مرساها* فيم أنت من ذكراها* إلى ربك منتهاها* إنما أنت منذر من يخشاها* كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها } . ( الذاريات : 42-46 ) .
{ وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا } .
أي إنها مع استتار الله بعلمها فإنها مرجوة المجيء عن قريب فليعمل لها كل إنسان ، فمتاع الدنيا قليل مهما طال أمدها . { والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا } . . ( النساء : 77 ) .
وفي الصحيحين أن جبريل سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة ؟ فقال : " ما المسئول عنها بأعلم من السائل وسأنبئك عن علاماتها أن تلد الأمة ربتها وأن يتطاول رعاة الإبل البهم في البنيان وأن يصبح الحفاة العالة سادة الأمم " . 72
والموت أقرب إلى الإنسيان من شراك نعله .
قال الشاعر : كل امرئ مصبح في بيته *** والموت أدنى من شراك نعله
وقال تعالى : { وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد } . ( ق : 19 ) .
{ يسألك الناس عن الساعة } : أي يهود المدينة كما سأله أهل مكة فاليهود سألوه امتحاناً والمشركون تكذيباً لها واستعجالاً لها .
{ قل إنما علمها عند الله } : أي أجب السائلين قائلاً إنما علمها عند ربي خاصة فلم يعلمها غيره .
{ وما يدريك } : أي لا أحد يدريك أيها الرسول أي يخبرك بها إذ علمها لله وحده .
{ لعل الساعة تكون قريبا } : أي وما يشعرك أن الساعة قد تكون قريبة القيام .
قوله تعالى { يسألك الناس عن الساعة } أي ميقات مجيئها والسائلون مشركون وأهل الكتاب فالمشركون يسألون عنها استعباداً لها فسؤالهم سؤال استهزاء واليهود يسألون امتحاناً للرسول صلى الله عليه وسلم ، فأمره تعالى أن يجيب السائلين بجواب واحد وهو إنما علمها عند الله ، أي انحصر علمها في الله تعالى إذ أخفى الله تعالى أمرها عن الملائكة والمقربين منهم والأنبياء والمرسلين منهم كذلك فضلاً عن غيرهم فلا يعلم وقت مجيئها إلا هو سبحانه وتعالى . وقوله تعالى : { وما يدريك } أي لا أحد يعلمك بها أيها الرسول ، وقوله { لعل الساعة تكون قريبا } أي وما يشعرك يا رسولنا لعل الساعة تكون قريبة القيام وهي كذلك قال تعالى : { اقترب الناس حسابهم } وقال { اقتربت الساعة } فأعلَمَ بالقرب ولم يعلم بالوقت لحكم عالية منها استمرار الحياة كما هي حتى آخر ساعة .
- بيان أن علم الساعة استأثر الله به فلا يعلم وقت مجيئها غيره .
- بيان أن الساعة قريبة القيام ، ولا منافاة بين قربها وعدم علم قيامها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.