تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَلَمۡ يَكُ يَنفَعُهُمۡ إِيمَٰنُهُمۡ لَمَّا رَأَوۡاْ بَأۡسَنَاۖ سُنَّتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدۡ خَلَتۡ فِي عِبَادِهِۦۖ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (85)

المفردات :

فلم يك ينفعهم إيمانهم : فلم يصح ولم يستقم ، لامتناع قبول الإيمان بعد فوات الأوان .

سنة الله : أي : سنّ الله ذلك سنة ماضية في العباد ، ألا ينفعهم الإيمان وقت نزول العذاب .

وخسر هنالك الكافرون : وهلك في مكان نزول العذاب الكافرون .

التفسير :

85- { فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون } .

أعطى الله الإنسان العقل والإرادة والاختيار ، وجعل ذلك مناط التكليف ، ومن سنة الله تعالى الماضية في السابقين واللاحقين أنه لا يقبل الإيمان في حالة الإلجاء والاضطرار ، كإيمان فرعون حين رأى الغرق أعلن إيمانه بعد أن عصى واستكبر وأعلن الفساد والعناد ؛ فلم يقبل منه الإيمان ، ونجى الله بدنه فقط ليحنط ويظل دليلا ملموسا على عاقبة الظلم والفساد ، وعلى أن الإيمان لا ينفع صاحبه عند رؤية العذاب ؛ لأنه إيمان عن إلجاء واضطرار لا عن رويّة واختيار .

قال ابن كثير :

وحدّوا الله وكفروا بالطاغوت ، ولكن حيث لا تقال العثرات ، ولا تنفع المعذرة ، وهذا كما قال فرعون حين أدركه الغرق : { آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين } . ( يونس : 90 ) ، فلم يقبل الله منه ، لأنه قد استجاب لنبيه موسى عليه السلام {[639]} .

وهكذا قال تعالى : ههنا : { فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده . . . }

أي : هذا حكم الله في جميع من تاب عند معاينة العذاب أنّه لا يقبل ، ولهذا جاء في الحديث : " إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يُغرغر " {[640]} ، ولهذا قال تعالى : { وخسر هنالك الكافرون } . ا ه .

ختام السورة:

***

خلاصة ما تضمنته سورة غافر

1- بيان صفة الله عز وجل .

2- عقوبة الجدال بالباطل في آيات الله .

3- وصف الملائكة الذين يحملون العرش ومن حوله .

4- ذكر دعائهم للذين تابوا .

5-وصف أهوال القيامة على الكافرين .

6-طلب الكفار الرجوع إلى الدنيا ، ثم رفض هذا الطلب .

7-إقامة الأدلة على وجود الإله القادر .

8-إنذار المشركين بأهوال القيامة

9-قصص موسى مع فرعون .

10-قصة مؤمن آل فرعون ونُصْحه لقومه بالإيمان .

11-نقاش الضعفاء والكبراء من أهل النار .

12-أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالصبر على أذى قومه ، كما صبر أولو العزم من الرسل .

13-تعداد نعم الله على عباده في البر والبحر .

14-الإيمان لا يقبل إلا عن طواعية واختيار ، ويُرفض عند الإلجاء والاضطرار .


[639]:علّه يقصد دعاء موسى عليه السلام المذكور في القرآن :{ وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربّنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم * قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون} (يونس: 88، 89).
[640]:أخرجه أحمد، والترمذي، وابن ماجة، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي في شُعب الإيمان، عن ابن عمر.
 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{فَلَمۡ يَكُ يَنفَعُهُمۡ إِيمَٰنُهُمۡ لَمَّا رَأَوۡاْ بَأۡسَنَاۖ سُنَّتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدۡ خَلَتۡ فِي عِبَادِهِۦۖ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (85)

شرح الكلمات :

{ فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا } : أي عذابنا الشديد النازل بهم .

المعنى :

قال تعالى { فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا } أي شديد عذابنا { سنة الله التي قد خلت في عبادة } وأخبر تعالى أن هذه سنة من سننه في خلقه وهي أن الإيمان لا ينفع عند معاينة العذاب إذ لو كان يقبل الإِيمان عند رؤية العذاب وحلوله لما كفر كَافر ولما دخل النار أحد . وقوله { وخسر هنالك } أي عند رؤية العذاب وحلوله { الكافرون } أي المكذبون المستهزئون .