تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِيَ مِن فَوۡقِهَا وَبَٰرَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقۡوَٰتَهَا فِيٓ أَرۡبَعَةِ أَيَّامٖ سَوَآءٗ لِّلسَّآئِلِينَ} (10)

9

المفردات :

رواسي : جبالا ثوابت .

وبارك فيها : أكثر خيرها بأن خلق فيها جميع أنواع النبات والحيوانات والمياه .

وقدّر فيها أقواتها : قسم فيها أقواتها للناس والبهائم .

في أربعة أيام : أي : في تتمة أربعة أيام باليومين المتقدمين .

للسائلين : قدّر فيها الأقوات للطالبين لها .

التفسير :

10- { وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين } .

أي : جعل في الأرض جبالا رواسي ، نراها ظاهرة فوق الأرض لتثبيت الأرض وحفظ توازنها ، وللجبال أهمية كبرى في عمران الأرض وثباتها ، فالمياه تتجمع في قللها ، والثلوج تتجمع فوقها ، وهي ملجأ الهارب ، وهي وسيلة للتعبّد ، وكثيرا ما تذكر الجبال ويذكر بعدها المياه والنبات والأشجار ، ولأمر ما كانت الرسالات السماوية مرتبطة بالجبال .

فابن نوح يقول : { سآوي إلى جبل يعصمني من الماء . . . } ( هود : 43 ) .

وداود عليه السلام كان إذا سبح سبحت معه الجبال .

قال تعالى : { ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوّبي معه والطير وألنا له الحديد } . ( سبأ : 10 ) .

والنبي محمد صلى الله عليه وسلم نزل عليه الوحي في غار حراء فوق جبل مرتفع ، وكان غار ثور مكان الاختباء في رحلة الهجرة ، وعندما طلب موسى رؤية ربّه سبحانه وتعالى أخبره الله أنّه لا يطيق هذه الرؤية ، وضرب له مثالا بالجبل ، فقد ظهر الله تعالى للجبل فاندك في الأرض ، وصعق موسى من هول ما رأى ، وتاب إلى الله من السؤال السابق ، فقال تعالى : { ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربّه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين } . ( الأعراف : 143 ) .

فالجبال وسيلة من وسائل تثبيت الأرض وحفظ توازنها وإتمام معايشها .

{ وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين } .

إي : إن الله جعل الأرض وسيلة للنبات والزرع والثمار والضروع ، ورقّى الصناعات ، ووسائل المواصلات ، وجعل التجارة وسيلة لنقل الخيرات من بلد إلى آخر ، كما أن الله تعالى هيّأ الأرض لتكون وسيلة للطعام والأقوات والكساء ، وأودع همة بعض الناس في التجارة لنقل البضائع من بلد إلى آخر ، وقد تم كل ذلك في أربعة أيام كاملة لمن سأل عن المدة التي تم فيها خلق الأرض ، ثم خلق الجبال والبحار والأنهار والأرزاق ، والمراد ب { أربعة أيام } . مجموع أربعة أيام ، لأن الخلق كان في يومين ، ثم خلق الجبال والبحار والأنهار وتقدير الأرزاق في يومين ، فيكون مجموع أيام خلق الأرض وما فيها أربعة أيام ، ولقد أشار القرآن إلى أن خلق الأرض وما عليها وخلق السماوات كان في ستة أيام .

قال تعالى : { ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة

أيام وما مسنا من لغوب }( ق : 38 ) .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِيَ مِن فَوۡقِهَا وَبَٰرَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقۡوَٰتَهَا فِيٓ أَرۡبَعَةِ أَيَّامٖ سَوَآءٗ لِّلسَّآئِلِينَ} (10)

شرح الكلمات :

{ وجعل فيها رواسي } : أي جبالاً ثوابت .

{ وبارك فيها } : أي في الأرض بكثرة المياه والزروع والضروع .

{ وقدر فيها أقواتها } : أي أقوات الناس والبهائم .

{ في أربعة أيام } : أي في تمام أربعة أيام وهي الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء .

{ سواء للسائلين } : أي في أربعة أيام هي سواء لمن يسال فإنها لا زيادة فيها ولا نقصان .

معنى الكلمات :

وقوله تعالى في الآية الثانية ( 9 ) { وجعل فيها } أي في الأرض رواسي أي جبالا ثوابت ترسو في الأرض حتى لا تميد بأهلها ولا تميل فيخرب كل شيء عليها ، { وبارك فيها } بكثرة المياه والرزق والضروع والخيرات { وقد فيها أقواتها } تقديراً يعجز البيان عن وصفه ، والقلم عن رقمه والآلات الحاسبة عن عِدّة . وذلك كله من الخلق والتقدير { في أربعة أيام سواء } لمن يسأل عنها إنها الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء أي مقدرة بأيامنا هذه التي تكونت نتيجة الشمس والقمر والليل والنهار فلا تزيد يوماً ولا تنقص آخر .

الهداية :

من الهداية :

- لا تعارض بين قوله تعالى في هذه الآية ثم استوى إلى السماء المشْعِر بأن خلق السموات كان بعد خلق الأرض ، وبين قوله ، والأرض بعد ذلك دحاها من سورة والنازعات المفهم أن دَحْوَ الأرض كان بعد خلق السماء ، إذ فسر تعالى دَحْوَ الأرض بإخراج مائها ومرعاها وهو ما ترعاه الحيوانات التي سيخلقها عليها ، ثم قوله خلق الأرض في يومين على صورة يعلمها هو ولا نعلمها نحن ، وتقدير الأقوات في قوله وقدر فيها أقواتها لا يستلزم أن يكون فعلا أظهر ما قدره إلى حيز الوجود ، وحينئذ لا تعارض بين ما يدل من الآيات على خلق الأرض أولا ثم خلق السموات وهو الذي صرحت به الأحاديث إذ خلق الأرض في يومين وقدر الأقوات في يومين وبعد أن خلق السموات دحا الأرض فأخرج منها ما قدره فيها من أقوات وأرزاق الحيوانات حسب سنته في ذلك .