تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَءَاتَيۡنَٰهُم بَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِۖ فَمَا ٱخۡتَلَفُوٓاْ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّ رَبَّكَ يَقۡضِي بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (17)

16

المفردات :

بينات من الأمر : أدلة في أمر الدين ، ويندرج فيها المعجزات التي جاء بها موسى عليه السلام .

بغيا : حسدا وعنادا .

التفسير :

17- { وآتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون } .

أعطينا بني إسرائيل شريعة واضحة بينة ، فيها الأوامر والنواهي ، والحلال والحرام ، هذا الوضوح والبيان ، والعلم بما أحل الله وبما حرمه ، كان يقتضي منهم السير صفا واحدا على الطريق الواضح ، والصراط المستقيم ، بيد أنهم اختلفوا وتفرقوا شيعا ، بعد أن جاءهم العلم بالحق ، وسبب الاختلاف هو الحسد والبغي طمعا في مناصب الدنيا وشهواتها ، فانظر كيف كان العلم بأحكام الله ، وتبين شريعته سببا في تفرقهم ، وكان الأصل أن يكون سبب وحدتهم ، لأن العلم إذا وجد قلبا نقيا ، كان العلم كالماء يفيد الأرض الطيبة فينمي بذرتها ، أما العلم إذا وجد قلبا غافلا غارقا في الشهوات ، فإن هذا العلم يكون وبالا على صاحبه ، كالماء إذا وجد أرضا سبخة مريضة ، فإنها لا تمسك الماء ولا تنبت الكلأ .

لقد اختلفوا بعد أن جاءهم العلم واليقين بصدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلموا من التوراة وغيرها صفة محمد صلى الله عليه وسلم ، وأنه يولد في مكة ، ويهاجر إلى يثرب ، وأنه خاتم الرسل وآخرهم ، وأنه لا يقابل السيئة بالسيئة لكن يعفو ويصفح ، وقد استوضحوا صفاته بعد هجرته إلى المدينة ، لكنهم كفروا به ظلما وبغيا وعدوانا .

قال تعالى : { فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به . . . } ( البقرة : 89 ) .

وقال عز شأنه : { وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة } . ( البينة : 4 ) .

وفي الآخرة نجد القضاء العادل من الإله العليم الحكيم ، المطلع على الخفايا والأسرار ، فيتم الحكم بالعدل ، وإنصاف المظلوم وعقوبة الظالم .

{ إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون } .

إن عدالة الله ستقضي بينهم فيما اختلفوا فيه .

وفي سورة الزمر يقول الله تعالى : { قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون } . ( الزمر : 46 ) .

وفي هذا تحذير للأمة الإسلامية من أن تسلك مسلكهم ، وأن تسير على نهجهم .

قال تعالى : { ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين } . ( الأنفال : 46 ) .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَءَاتَيۡنَٰهُم بَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِۖ فَمَا ٱخۡتَلَفُوٓاْ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّ رَبَّكَ يَقۡضِي بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (17)

شرح الكلمات :

{ إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم } : أي لم يختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم .

المعنى

و{ آتيناهم بينات } من الأمر أمر الدين تحملها التوراة والإنجيل { فما اختلفوا إلاَّ من بعد ما جاءهم العلم } الإلهي يحمله القرآن ونبيه فاختلفوا فيما كان عندهم من الأنباء عن نبيّ آخر الزمان ونعوته وما سيورثه الله وأمته من الكمال الدنيوي والأخروي ، فحملهم بغي حدث بينهم وهو الحسد على الكفر فكفروا به وكذبوه ، فهذه الآية نظيرها آية البقرة : { فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين } وكقوله في سورة البينة { لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة رسول من الله يتلو صحفاً مطهرة } وهو محمد صلى الله عليه وسلم .

وقوله تعالى : { إن ربك يقضى بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون } هذه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم من جهة ، ومن جهة أخرى إعلام منه تعالى بأنه سيحكم بينهم ويفصل ويؤدي كل واحد ثمرة كسبه من خير وشر في هذه الحياة وذلك يوم القيامة .

/ذ17