تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{لِّئَلَّا يَعۡلَمَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَلَّا يَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَيۡءٖ مِّن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (29)

26

المفردات :

لئلا يعلم : لكي يعلم .

ألا يقدرون : أي : لا ينالون شيئا مما ذكر من فضل الله وهو النبوة ، ولا يستطيعون التصرف فيه .

التفسير :

{ لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ } . أي : ليتحققوا أنهم لا يقدرون على رد ما أعطاه الله ولا إعطاء ما منع الله .

{ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } .

قال بن جرير : { لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ . . . } أي : ليعلم ، وعن ابن مسعود أنه قرأها : ( لكي يعلم ) لأن العرب تجعل ( لا ) صلة في كل كلام دخل في أوله أو آخره جحد غير مصرح ، فالسابق كقوله : { ما منعك ألا تسجد . . . } ( الأعراف : 12 ) .

وكقوله تعالى : { وما يُشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون } . ( الأنعام : 109 )31

ختام السورة:

خلاصة ما اشتملت عليه سورة الحديد

1- صفات الله وأسماؤه الحسنى ، وظهور آثاره في بدائع خلقه .

2- الحضّ على الإنفاق في سبيل الله .

3- بشرى المؤمنين بالنور يوم القيامة .

4- ثواب المتصدقين الذين أقرضوا الله قرضا حسنا .

5- ذم الدنيا وبيان أنها لهو ولعب وزينة .

6- الترغيب في الآخرة والاجتهاد في العمل لها .

7- اليقين بالقدر ، والصبر في المصائب ، والشكر على النعماء .

8- ذم الاختيال والفخر والبخل .

***

تم بحمد الله تعالى تفسير الجزء ( السابع والعشرين ) ظهر يوم الثلاثاء 7 من شوال 1421ه ، الموافق 2/1/2001م ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، ونسأله العون والتوفيق ، إنه نعم المولى ونعم النصير .

تخريج أحاديث وهوامش تفسير القرآن الكريم

( الجزء السابع والعشرون )

خرج أحاديثه

الأستاذ

كمال سعيد فهمي .

1 في ظلال القرآن 27/149 .

2 في ظلال القرآن 27/151 .

3 في ظلال القرآن 27/180 .

4 بصائر ذوي التمييز للفيروزبادي 1/453 .

5 فيهن آية أفضل من ألف آية :

رواه أبو داود في الأدب ( 5057 ) والترمذي في فضائل القرآن ( 2921 ) وأحمد في مسنده ( 16709 ) من حديث العرباض ابن سارية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ المسبحات قبل أن يرقد ، وقال : " إن فيهن آية أفضل من ألف آية " .

6 اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم :

رواه مسلم في الذكر ( 2713 ) من حديث سهيل قال : كان أبو صالح يأمرنا إذا أراد أحدنا أن ينام أن يضطجع على شقه الأيمن ثم يقول : اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء ، فالق الحب والنوى ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصته ، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر . وكان يروي ذلك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .

7 أن تعبد الله كأنك تراه :

رواه البخاري في الإيمان ( 50 ) وفي تفسير القرآن ( 4777 ) ، ومسلم في الإيمان ( 8-9 ) ، والترمذي في الإيمان ( 2610 ) ، والنسائي في الإيمان ( 4990-4991 ) ، وأبو داود في السنة ( 4695 ) ، وابن ماجة في المقدمة ( 63-64 ) ، وأحمد ( 369-376-5822-6121 ) من حديث أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوما بارزا للناس إذ أتاه رجل يمشي فقال : يا رسول الله ، ما الإيمان ؟ قال : " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ولقائه وتؤمن بالبعث الآخر " قال : يا رسول الله ، ما الإسلام ؟ قال : " الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان " . قال : يا رسول الله ، ما الإحسان ؟ قال : " الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " . قال : يا رسول الله ، متى الساعة ؟ قال : " ما المسئول عنها بأعلم من السائل ولكن سأحدثك عن أشراطها : إذا ولدت المرأة ربتها فذاك من أشراطها إذا كان الحفاة العراة رءوس الناس فذاك من أشراطها في خمس لا يعلمهن إلا لله { إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام . . . } ثم انصرف الرجل فقال : " ردوا عليّ " . فأخذوا ليردوا فلم يروا شيئا ، فقال : " هذا جبريل جاء ليعلم الناس دينهم " . وقال الترمذي : حديث حسن صحيح .

8 يقول ابن آدم مالي مالي :

رواه مسلم في الزهد ( 2958 ) والترمذي في الزهد ( 2342 ) وفي التفسير ( 3354 ) والنسائي في الوصايا ( 3613 ) وأحمد في مسنده ( 15870 ) حديث عبد الله بن الشخير قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ { ألهاكم التكاثر } قال : يقول ابن آدم : مالي مالي قال : وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت " . ورواه مسلم في الزهد ( 2959 ) من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يقول العبد مالي مالي ، إنما له من ماله ثلاث ، ما أكل فأفنى أو لبس فأبلى أو أعطى فاقتنى وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس " .

9 أي المؤمنين أعجب إليكم إيمانا :

نسبه ابن كثير للبخاري في الإيمان ، فقال : قد روينا في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوما لأصحابه : " أي المؤمنين أعجب إليكم إيمانا ؟ " قالوا الملائكة ، قال : " وما لهم لا يؤمنون وهم عند ربهم ؟ " قالوا : فالأنبياء ، قال : " وما لهم لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم ؟ " قالوا : فنحن ، قال : ومالكم لا تؤمنون وأنا بين أظهركم ؟ ولكن أعجب المؤمنين إيمانا قوم يجيئون بعدكم يجدون صحفا يؤمنون بما فيها " ( أخرجه البخاري في كتاب الإيمان ) أ . ه .

ولم أره فيه ، ولم يعزه غيره للبخاري ! ! فليحرر .

10لا تسبوا أصحابي :

رواه البخاري في المناقب ( 3673 ) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه " .

ورواه مسلم في فضائل الصحابة ( 2540 ) من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " " لا تسبوا أصحابي ، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه " .

11فقد سألتك ما هو أهون من هذا :

رواه البخاري في أحاديث الأنبياء ( 3334 ) وفي الرقاق ( 6538-6557 ) ومسلم في صفة القيامة ( 2805 ) وأحمد في مسنده ( 11903 ) من حديث أنس يرفعه : " إن الله يقول لأهون أهل النار عذابا : لو أن ما في الأرض من شيء كنت تفتدى به ؟ قال : نعم قال : فقد سألتك ما هو أهون من هذا وأنت في صلب آدم ألا تشرك بي فأبيت إلا الشرك " .

12 مختصر تفسير ابن كثير .

13 رواه ابن أبي حاتم .

14سلمان منا أهل البيت :

ذكره السيوطي في الجامع الصغير ( 4696 ) بلفظ : " سلمان منا أهل البيت " . ونسبه للطبراني في الكبير ، والحاكم في المستدرك عن عمرو بن عوف وقال : صحيح .

قال المناوي في فيض القدير : جزم الحافظ الذهبي بضعف سنده ، وقال الهيثمي : فيه عند الطبراني كثير بن عبد الله المزني ضعفه الجمهور وبقية رجاله ثقات .

15 إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف :

رواه البخاري في بدء الخلق ( 3256 ) ومسلم في الجنة ( 2831 ) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون أهل الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم " ، قالوا : يا رسول الله ، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم ؟ قال : " بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين "

16 ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا :

رواه البخاري في الجهاد والسير ( 2817 ) ومسلم في الإمارة ( 1877 ) من حديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد ، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة " .

17 يعطيها لهم على فترة بعد فترة ، وفي صحيح البخاري : كان صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة مخافة السآمة علينا والملل وفي رواية : يتخوننا ، أي : يعظنا على فترات متباعدة ، أو يقدم الموعظة عند المناسبة .

18 وموضع سوط أحدكم من الجنة :

رواه البخاري في الجهاد والسير ( 2892 ) من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها ، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها ، والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها " .

19الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله :

رواه البخاري في الرقاق ( 6488 ) من حديث عبد الله رضي الله عنه ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك " .

20 لربك عليك حق :

تقدم تخريجه ، انظر هامش ( 79 ) .

21 ذهب أهل الدثور بالأجور :

رواه مسلم في الزكاة ( 1006 ) من حديث أبي ذر أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، ذهب أهل الدثور بالأجور ، يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم ، قال : " أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون ، أن بكل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تهليلة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة وفي بضع أحدكم صدقة " . قالوا : يا رسول الله ، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال : " أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر " .

22 ما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه :

رواه البخاري في الرقاق ( 6502 ) من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قال : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته " . قلت : تفرد به البخاري وهو من رواية خالد بن مخلد ، وقد قال بعضهم : لولا هيبة الصحيح لعدوه من منكرات خالد بن مخلد .

23 عجبا لأمر المؤمن :

أخرجه مسلم ( 2999 ) واللفظ له ، وأحمد ( 18455-18460-23406-23412 ) والدارمي ( 2777 ) ، من حديث صهيب بن سنان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له " .

24بعثت بالسيف حتى يعبد الله :

رواه أحمد في مسنده ( 5093 ) من حديث ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بعثت بالسيف حتى يعبد الله لا شريك له ، وجعل رزقي تحت ظل رمحي ، وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري ، ومن تشبه بقوم فهو منهم " .

25 في ظلال القرآن ، الجزء 27 ص 179 ، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه .

26 لكل نبي رهبانية :

رواه أحمد في مسنده ( 13396 ) من حديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لكل نبي رهبانية ، ورهبانية هذه الأمة الجهاد في سبيل الله عز وجل " .

27وعليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام :

رواه أحمد في مسنده ( 11365 ) من حديث أبي سعيد الخدري أن رجلا جاءه فقال : أوصني ، فقال : سألت عما سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبلك ، أوصيك بتقوى الله فإنها رأس كل شيء ، وعليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام ، وعليك بذكر الله وتلاوة القرآن فإنه روحك في السماء وذكرك في الأرض " .

28 ثلاثة لهم أجران :

رواه البخاري في العلم ( 97 ) من حديث أبي بردة عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لهم أجران : رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ، والعبد المملوك إذا أدى حقّ الله وحق مواليه ، ورجل كانت عنده أمة فأدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران " . ثم قال عامر : أعطيناكها بغير شيء ، قد كان يركب فيما دونها إلى المدينة .

29 أخرجه الإمام أحمد .

30 رواه البخاري في صحيحه .

31 مختصر تفسير ابن كثير ، تحقيق محمد علي الصابوني ، المجلد الثالث .

***

تم بحمد الله تخريج أحاديث وهوامش

الجزء ( السابع والعشرون ) .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{لِّئَلَّا يَعۡلَمَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَلَّا يَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَيۡءٖ مِّن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (29)

{ لئلا يعلم أهل الكتاب . . . } أي أعلمناكم بذلك ليعلموا أنهم ليسوا ملاك فضله سبحانه ! فيزووه عن المؤمنين ، ويستبدوا به دونهم . { وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء } وقد أعطى الله المؤمنين من غيرهم أجرين كما أعطاهم أجرين . والله أعلم .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{لِّئَلَّا يَعۡلَمَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَلَّا يَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَيۡءٖ مِّن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (29)

لقد فعلنا ذلك ليعلم أهل الكتاب أنهم لا ينالون شيئا من فضل الله ما لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، والله صاحب الفضل العظيم .

وقوله تعالى : { أَلاَّ يَقْدِرُونَ على شَيْءٍ } معناه أنّهم لا يقدِرون على شيء ، فأنْ هنا مخففة من أنّ المشددة .

وهكذا ختمت السورة بختام يتناسق مع سياقها كله ، وهي نموذج من النماذج القرآنية الواضحة في خطاب القلوب البشرية ، وبها يتم الجزء السابع والعشرون .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لِّئَلَّا يَعۡلَمَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَلَّا يَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَيۡءٖ مِّن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (29)

[ وقوله ] { لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ } أي : بينا لكم فضلنا وإحساننا لمن آمن إيمانا عاما ، واتقى الله ، وآمن برسوله ، لأجل أن أهل الكتاب يكون لديهم علم{[999]}  بأنهم لا يقدرون على شيء من فضل الله أي : لا يحجرون على الله بحسب أهوائهم وعقولهم الفاسدة ، فيقولون : { لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى } ويتمنون على الله الأماني الفاسدة ، فأخبر الله تعالى أن المؤمنين برسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، المتقين لله ، لهم كفلان من رحمته ، ونور ، ومغفرة ، رغما على أنوف أهل الكتاب ، وليعلموا { أن الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ } ممن اقتضت حكمته تعالى أن يؤتيه من فضله ، { وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } [ الذي لا يقادر قدره ] .

تم تفسير سورة الحديد ، ولله الحمد والمنة ، والحمد لله .


[999]:- في ب: لأجل أن يكون عند أهل الكتاب علم.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لِّئَلَّا يَعۡلَمَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَلَّا يَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَيۡءٖ مِّن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (29)

ثم قال : { لئلا يعلم أهل الكتاب } قال قتادة : حسد الذين لم يؤمنوا من أهل الكتاب المؤمنين منهم ، فأنزل الله تعالى : { لئلا يعلم أهل الكتاب } وقال مجاهد : قالت اليهود يوشك أن يخرج منا نبي يقطع الأيدي والأرجل ، فلما خرج من العرب كفروا به ، فأنزل الله تعالى : { لئلا يعلم أهل الكتاب } أي ليعلم " ولا " صلة { ألا يقدرون على شيء من فضل الله } أي ليعلم الذين لم يؤمنوا أنهم لا أجر لهم ولا نصيب لهم في فضل الله ، { وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم } .

أخبرنا عبد الواحد المليحي أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا الليث عن نافع ، عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم كما بين صلاة العصر إلى مغرب الشمس ، وإنما مثلكم ومثل اليهود والنصارى كرجل استعمل عمالاً ، فقال : من يعمل إلى نصف النهار على قيراط ؟ فعملت اليهود إلى نصف النهار على قيراط قيراط ، ثم قال من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط ؟ فعملت النصارى من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط ، ثم قال : من يعمل لي من صلاة العصر إلى مغرب الشمس على قيراطين قيراطين ، ألا فأنتم الذين تعملون من صلاة العصر إلى مغرب الشمس ألا لكم الأجر مرتين " فغضبت اليهود والنصارى وقالوا : نحن أكثر عملا وأقل عطاء ؟ قال الله تعالى : هل ظلمتكم من حقكم شيئاً ؟ قالوا : لا قال : فإنه فضلي أعطيه من شئت " .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد ابن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثني محمد بن العلاء ، حدثنا أبو أسامة عن يزيد عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مثل المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجل استأجر قوماً يعملون له عملاً إلى الليل على أجر معلوم فعملوا إلى نصف النهار ، فقالوا : لا حاجة لنا إلى أجرك الذي شرطت لنا ، وما عملناه باطل ، فقال لهم : لا تفعلوا ، أكملوا بقية عملكم ، وخذوا أجركم كاملاً ، فأبوا وتركوا ، واستأجر قوماً آخرين بعدهم ، فقال : أكملوا بقية يومكم هذا ولكم الذي شرطت لهم من الأجر ، فعملوا حتى إذا كان حين صلاة العصر قالوا : ما عملنا باطل ولك الأجر الذي جعلت لنا فيه ، فقال : أكملوا بقية عملكم فإنما بقي من النهار شيء يسير فأبوا ، فاستأجر قوماً أن يعملوا له بقية يومهم فعملوا بقية يومهم حتى غابت الشمس ، فاستكملوا أجر الفريقين كليهما فذلك مثلهم ومثل ما قبلوا من هذا النور " .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{لِّئَلَّا يَعۡلَمَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَلَّا يَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَيۡءٖ مِّن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (29)

ثم قال { لئلا يعلم } أي ليعلم ولا زائدة { أهل الكتاب } اليهود والنصارى { ألا يقدرون على شيء } أنهم لا يقدرون على شيء { من فضل الله } يعني ان لم يؤمنوا لم يؤتهم الله شيئا مما ذكر { وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم }

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{لِّئَلَّا يَعۡلَمَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَلَّا يَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَيۡءٖ مِّن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (29)

قوله تعالى : " لئلا يعلم أهل الكتاب " أي ليعلم ، و " أن لا " صلة زائدة مؤكدة ، قاله الأخفش . وقال الفراء : معناه لأن يعلم و " لا " صلة زائدة في كل كلام دخل عليه جحد . قال قتادة : حسد أهل الكتاب المسلمين فنزلت : " لئلا يعلم أهل الكتاب " أي لأن يعلم أهل الكتاب أنهم " لا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله " وقال مجاهد : قالت اليهود يوشك أن يخرج منا نبي يقطع الأيدي والأرجل . فلما خرج من العرب كفروا فنزلت : " لئلا يعلم " أي ليعلم أهل الكتاب " أن لا يقدرون " أي أنهم يقدرون ، كقوله تعالى : " ألا يرجع إليهم قولا{[14738]} " [ طه : 89 ] . وعن الحسن : " ليلا يعلم أهل الكتاب " وروي ذلك عن ابن مجاهد . وروى قطرب بكسر اللام وإسكان الياء{[14739]} . وفتح لام الجر لغة معروفة . ووجه إسكان الياء أن همزة " أن " حذفت فصارت " لن " فأدغمت النون في اللام فصار " للا " فلما اجتمعت اللامات أبدلت الوسطى منها ياء ، كما قالوا في أما : أيما . وكذلك القول في قراءة من قرأ " ليلا " بكسر اللام إلا أنه أبقى اللام على اللغة المشهورة فيها فهو أقوى من هذه الجهة . وعن ابن مسعود " لكيلا يعلم " وعن حطان بن عبدالله " لأن يعلم " . وعن عكرمة " ليعلم " وهو خلاف المرسوم . " من فضل الله " قيل : الإسلام . وقيل : الثواب . وقال الكلبي : من رزق الله . وقيل : نعم الله التي لا تحصى . " وأن الفضل بيد الله " ليس بأيديهم فيصرفون النبوة عن محمد صلى الله عليه وسلم إلى من يحبون . وقيل : " وأن الفضل بيد الله " أي هو له " يؤتيه من يشاء " وفي البخاري : حدثنا الحكم بن نافع ، قال حدثنا شعيب عن الزهري ، قال أخبرني سالم بن عبدالله ، أن عبدالله بن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو قائم على المنبر : ( إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس أعطي أهل التوراة التوراة فعملوا بها حتى انتصف النهار ثم عجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا ، ثم أعطي أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا به حتى صلاة العصر ثم عجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا ، ثم أعطيتم القرآن فعملتم به حتى غروب الشمس فأعطيتم قيراطين قيراطين ، قال أهل التوراة : ربنا هؤلاء أقل عملا وأكثر أجرا قال هل ظلمتكم من أجركم من شيء ؟ قالوا : لا ، فقال فذلك فضلي أوتيه من أشاء ) في رواية : ( فغضبت اليهود والنصارى وقالوا ربنا . . . ) الحديث . " والله ذو الفضل العظيم " . [ تم تفسير سورة الحديد " والحمد لله ]{[14740]} .


[14738]:راجع جـ 11 ص 236.
[14739]:روى قطرب عن الحسن أيضا كما في السمين وغيره، فتكون للحسن قراءتان فتح اللام وكسرها مع إسكان الياء فيهما.
[14740]:ما بين المربعين ساقط من ح، س، ط، هـ.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{لِّئَلَّا يَعۡلَمَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَلَّا يَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَيۡءٖ مِّن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (29)

ولما كان أهل الكتاب قد تابعوا أهويتهم على بغض الأميين{[62861]} ، وأشربت قلوبهم أن النبوة مختصة بهم لأنهم أولاد إبراهيم عليه السلام من ابنة عمه ، والعرب - وإن كانوا أولاده - فإنهم من الأمة وما دروا أن{[62862]} كونهم من أولاده مرشح لنبوة بعضهم وكونهم من الأمة ، مهيئ لعموم الرسالة لأجل عموم النسب ، قال دالاً على أنهم صاروا كالبهائم لا يبصرون إلا المحسوسات معلقاً الجار ب { آمنوا } و { يؤتكم } وما بعده : { لئلا يعلم } أي ليعلم{[62863]} علماً عظيماً يثبت{[62864]} مضمون خبره وينتفي ضده - بما أفاده زيادة النافي { أهل الكتاب } أي من الفريقين الذي اقتصروا على كتابهم وأنبيائهم ولم يؤمنوا بالنبي الخاتم وما أنزل عليه { ألا } أي أنهم لا { يقدرون } أي في زمن من الأزمان { على شيء } أي وإن قل{[62865]} { من فضل الله } أي الملك الأعلى الذي خصكم بما خصكم{[62866]} به لا يمنع ولا بإعطائكم حيث{[62867]} نزع النبوة منهم ووضعها في بني عمهم إسماعيل عليه السلام الذين كانوا لا يقيمون لهم وزناً فيقولون : إنهم بنو الأمة ، وإنهم أميون ، وإنهم ليس عليهم منهم سبيل ، وجعل النبوة التي خصكم بها عامة - كما أشار إليه ما في ابن الأمة من شمول بنسبته وانشعابه{[62868]} وحيث عملوا كثيراً وأعطوا قليلاً : " اليهود من أول النهار على {[62869]}قيراط قيراط ، والنصارى من الظهر على قيراط قيراط{[62870]} ، وهذه الأمة من صلاة العصر على قيراطين قيراطين ، فقال الفريقان{[62871]} : ما لنا أكثر عملاً وأقل أجراً ، قال هل ظلمتكم من حقكم شيئاً ، قالوا : لا ، قال : ذلك فضلي أوتيه من أشاء " وذكر ابن برجان معنى هذا الحديث - كما تقدم عنه قريباً - من الإنجيل وطبقه عليه وذكرته أنا{[62872]} في الأعراف ، روى الإمام أحمد{[62873]} في مواضع{[62874]} من المسند والبخاري في سبعة مواضع{[62875]} في الصلاة والإجارة وذكر بني إسرائيل وفضائل القرآن والتوحيد ، والترمذي في الأمثال{[62876]} - وقال : حسن صحيح - من وجوه شتى جمعت بين ألفاظها عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال{[62877]} : " {[62878]}مثلكم " - وفي هذه الرواية : " مثل هذه الأمة " ، وفي رواية : " مثل أمتي " وفي رواية : إنما مثلكم ومثل اليهود والنصارى كرجل{[62879]} ، وفي رواية : " مثلكم ومثل أهل الكتابين كمثل رجل استعمل عملاء " ، وفي رواية : " استأجر أجراء{[62880]} " فقال : " من يعمل لي من صلاة الصبح " و{[62881]}في رواية أخرى{[62882]} : " من غدوة إلى نصف النهار على قيراط{[62883]} ، ألا فعملت اليهود " - وفي رواية : " قالت اليهود : نحن - فعملوا ، ثم قال : من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط ، ألا فعملته النصارى " ، وفي رواية : " قالت النصارى : نحن ، فعملوا ، ثم قال : من يعمل لي من صلاة العصر إلى غروب الشمس "

- وفي رواية : إلى أن تغيب الشمس - " على قيراطين قيراطين ، ألا فأنتم الذين{[62884]} عملتم " ، وفي رواية : {[62885]} " تعملون " ، وفي رواية " {[62886]} وأنتم المسلمون تعملون من صلاة العصر إلى الليل " ، وفي رواية " إلى مغارب " ، وفي رواية{[62887]} : " مغرب الشمس على قيراطين قيراطين ألا لكم الأجر مرتين ، فغضبت{[62888]} اليهود والنصارى " وقالوا : " نحن " - وفي رواية : " ما لنا{[62889]} - أكثر عملاً وأقل عطاء " ، وفي رواية " أجراً ، قال الله تعالى هل " - وفي رواية : " وهل - نقصتكم - " وفي رواية : " هل ظلمتكم - من حقكم شيئاً - " وفي رواية : " أجركم شيئاً ، قالوا : لا ، قال : فإنه " - وفي رواية : " فإنما - هو فضل " ، وفي رواية : " فذلك فضلي أوتيه من أشاء " ، وفي رواية : " أعطيه من شئت " وفي رواية : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم على المنبر يقول : " ألا إن بقاءكم " {[62890]} ، وفي رواية : " إنما بقاؤكم{[62891]} " ، وفي رواية : " إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم " - وفي رواية : " فيما سلف من قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر والمغرب " - وفي رواية : " إلى غروب الشمس " ، وفي رواية : " ألا إن مثل آجالكم في آجال الأمم قبلكم كما بين صلاة العصر إلى مغيربان " ، وفي رواية : " {[62892]}إلى مغرب " ، وفي رواية{[62893]} : " إلى مغارب الشمس ، أعطي " - وفي رواية : " أوتي - أهل التوراة التوراة ، فعملوا بها{[62894]} حتى انتصف النهار فعجزوا ، فأعطوا قيراطاً قيراطاً{[62895]} ، وأعطي " - وفي رواية : " ثم أوتي - أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا به حتى " - وفي رواية : " إلى - صلاة العصر " ، وفي رواية " حتى صليت العصر ، ثم عجزوا فأعطوا قيراطاً قيراطاً ، ثم أعطيتم القرآن فعملتم به حتى غربت الشمس{[62896]} " ، وفي رواية : " حتى غروب الشمس فأعطيتم قيراطين قيراطين " ، وفي رواية : " ثم أوتينا القرآن فعملنا إلى غروب الشمس فأعطينا قيراطين قيراطين ، فقال أهل الكتابين " - وفي رواية : " أهل التوراة والإنجيل - ربنا هؤلاء أقل{[62897]} منا عملاً وأكثر أجراً " ، وفي رواية : " جزاء " ، وفي رواية : " أي ربنا أعطيت هؤلاء قيراطين قيراطين وأعطيتنا قيراطاً قيراطاً ، ونحن أكثر عملاً منهم ، قال الله تبارك وتعالى : هل{[62898]} " وفي رواية : " فهل ظلمتكم من أجركم " - وفي رواية : " من أجوركم - من شي ؟ فقالوا : لا ، فقال : فهو فضلي " ، وفي رواية " فذلك فضلي ، أوتيه من أشاء " وقد أخذ بعض العلماء من هذا الحديث ما قبل هذه الأمم وترك على ذلك أحوالها فقال : إنه دال على قوم نوح وإبراهيم عليهما السلام ، كان لهم الليل ، فكان قوم نوح في أوله في ظلام صرف طويل لم يلح لهم شيء من تباشير الضياء ولا أمارات الصبح ، ونوح عليه السلام يخبرهم به ويأمرهم بالتهيئ له ، فلذلك طال بلاؤه عليه السلام بهم ، وما آمن معه إلا قليل ، وأما قوم إبراهيم عليه السلام فكانوا كأنهم في أواخر الليل ، قد لاحت لهم تباشير الصباح وأومضت لهم بوارق الفلاح ، فلذلك آمن لوط عليه السلام وكذا سارة زوجته وأولاده{[62899]} منها ومن غيرها كلهم ، واستمر الإسلام في أولاده والنبوة حتى جاء موسى عليه السلام ، فكان وقته كما بين الصبح والظهر ، فكان قومه تارة وتارة ، تارة يحسبون أنهم في ضياء كيفما كانوا ، فيروغون يميناً وشمالاً فيكونون{[62900]} كمن دخل غيراناً وكهوفاً وأسراباً ثم يخرجون منها فيرجعون إلى الضياء ، فكانت غلطاتهم تارة كباراً وتارة صغاراً ، وأما قوم عيسى عليه السلام فكانوا كمن هو في الظهيرة في شدة الضياء فالغلط منه لا يكون إلا عن عمى عظيم{[62901]} ، فلذلك كان غلطهم أفظع الغلط وأفحشه - والله الموفق - { وإن } أي ولتعلموا أن { الفضل } أي{[62902]} الذي لا يحتاج إليه من هو عنده { بيد الله } أي الذي له الأمر كله { يؤتيه من يشاء } منهم أو من غيرهم نبوة كانت أو غيرها{[62903]} .

ولما كان ربما ظن ظان أنه لا يخص به إلا لأنه لا يسع جميع الناس دفع{[62904]} ذلك بقوله : { والله } أي الذي أحاط بجميع صفات الكمال { ذو الفضل العظيم * } أي مالكه ملكاً لا ينفك عنه ولا ملك لأحد فيه{[62905]} معه ولا تصرف بوجه أصلاً ، فلذلك يخص من يشاء بما يشاء ، فلا يقدر أحد على اعتراض بوجه ، فقد نزه له التنزيه الأعظم جميع ما في السماوات والأرض فهو العزيز الحكيم الذي لا عزيز غيره ولا حكيم سواه ، فقد انطبق كما ترى آخرها على أولها ، ورجع مفصلها على موصلها - والله الهادي {[62906]}للصواب وإليه المرجع والمآب{[62907]} .


[62861]:- من ظ، وفي الأصل: الإتيان-كذا.
[62862]:- زيد من ظ.
[62863]:- من ظ، وفي الأصل: يعلم.
[62864]:-زيد من ظ.
[62865]:- زيد من ظ.
[62866]:من ظ، وفي الأصل: اتساعه.
[62867]:- زيد من ظ.
[62868]:- من ظ، وفي الأصل: اتساعه.
[62869]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[62870]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[62871]:- من ظ، وفي الأصل: الفريقين.
[62872]:- زيد من ظ.
[62873]:- زيد من ظ.
[62874]:- راجع مثلا 2/ 111.
[62875]:- راجع مثلا 1/ 79.
[62876]:- راجع 2/ 110.
[62877]:- زيد ولا بد منه.
[62878]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[62879]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[62880]:- من ظ، وفي الأصل: احيرا.
[62881]:-زيد ولا بد منه.
[62882]:- زيد من ظ.
[62883]:- زيد في ظ: قيراط.
[62884]:- من ظن وفي الأصل: الذي.
[62885]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[62886]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[62887]:- زيد في الأصل: إلى، ولم تكن الزيادة في ظ فحذفناها.
[62888]:- من ظ، وفي الأصل: فغضب.
[62889]:- من ظ، وفي الأصل: له.
[62890]:- من ظ، وفي الأصل: اتقاكم.
[62891]:- من ظ، وفي الأصل: اتقياكم.
[62892]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[62893]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[62894]:- زيد في الأصل وظ: حتى انتصف النهار فعجزوا وفي رواية- كذا.
[62895]:- زيد من ظ.
[62896]:- زيد من ظ.
[62897]:- العبارة من هنا إلى "تباشير الضياء" ساقطة من ظ.
[62898]:- زيد لاستقامة العبارة وإلا فلا وجه لزيادة "وفي رواية".
[62899]:- من ظ، وفي الأصل: الأولاد.
[62900]:- في الأصل و ظ: فيكون.
[62901]:- سقط من ظ.
[62902]:- زيد من ظ.
[62903]:- زيد من ظ.
[62904]:- من ظ وفي الأصل: بين.
[62905]:- زيد من ظ.
[62906]:- سقط ما بين الرقمين.
[62907]:-سقط ما بين الرقمين.
 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{لِّئَلَّا يَعۡلَمَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَلَّا يَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَيۡءٖ مِّن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (29)

{ لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم }

{ لئلا يعلم } أي أعلمكم بذلك ليعلم { أهل الكتاب } بالتوراة الذين لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم { أن } مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن والمعنى أنهم { لا يقدرون على شيءٍ من فضل الله } خلاف ما في زعمهم أنهم أحباء الله وأهل رضوانه { وأن الفضل بيد الله يؤتيه } يعطيه { من يشاء } فآتى المؤمنين منهم أجرهم مرتين كما تقدم { والله ذو الفضل العظيم } .